ذكره البغوي في سورة ن ولم ينكر صحة الخبر في ان أول شيء يأكله أهل الجنة زائدة كبد الحوت الا أنه قال : المراد بالحوت فيه حوت مابدليل مارواه سلطان المحدثين البخاري أول مايأكله أهل الجنة زيادة كبد حوت يأكل منه سبعون الفا بتنكير لفظ حوت ونظير ذلك في صحيح مسلم حيث ذكر فيه أنه تكون الارض يوم القيامة خبزة واحدة يكفأها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة وان ادامهم ثور ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا وذكر حال الأرض فيه لايعين مراد الخصم فانه يجوز أن يكون الجمع بين ذلك للاشارة الى خراب الدنيا وانقطاع أمر الاستعداد للمعاش وانصرام الحياة العنصرية المائية أما الاشارة الى الأول فظاهر وأما إلى الثاني فبالاستيلاء على الثور وأكل زائدة كبده فانه عمدة عدة الحارث المهتم لأمر معاشه وفي الخبر كلكم حارث وكلكم همام وأما الإشارة إلى الثالث فبالاستيلاء على الحوت وأكل زائدة كبده أيضا فانه حيوان عنصري مائي لايمكن أن يحيا سويعة إذا فارق الماء وبهذا يظهر المناسبة التامة بين ما اشتمل عليه الخبر ولا يبعد أن يكون ظهور الحياة الدنيوية بصورة الحوت وما يحتاج اليه فيها من أسباب الحراثة الضرورية في أمر المعاش بصورة الثور وكل الصيد في جوف الفرا ويكون ذلك من قبيل ظهور الموت في صورة الكبش الاملح في ذلك اليوم وقال بعض العارفين في سر تخصيص الكبد : إنه بيت الدم وهو بيت الحياة ومنه تقع قسمتها في البدن الى القلب وغيره وبخار ذلك الدم هو النفس المعبر عنه بالروح الحيواني ففي كونه طعاما لأهل الجنة بشارة بأنهم أحياء لايموتون وذكر أنه يستخرج من الثور الطحال وهو في الحيوان بمنزلة الاوساخ في البدن فانه يجتمع فيه أوساخ البدن مما يعطيه البدن من الدم الفاسد فيعطي لأهل النار يأكلونه وكان ذلك من الثور لأنه بارد يابس كطبع الموت وجهنم على صورة جاموس والغذاء لأهل النار من طحاله أشد مناسبة منه فلما فيه من الدمية لايموت أهل النار ولما أنه من أوساخ البدن ومن الدم الفاسد المؤلم لايحيون ولا ينعمون فمايزيدهم أكله الا مرضا وسقما .
ونقل عن الغزالي والعهدة على الناقل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم سئل تارة ماتحت الأرض فقال : الحوت وسئل أخرى فقال : الثور وعنى E بذلك البرجين الذين هما من البروج الاثني عشر المعلومة وقد كان كل منهما وتد الارض وقت السؤال ولو كان الوتد إذ ذاك العقرب مثلا لقال E العقرب تحت الأرض وأنت تعلم أن ذلك بمعزل عن مقاصد الشارع صلى الله تعالى عليه وسلم ولايتم على ما وقفت عليه من أن الأرض على متن الثور والثور على ظهر الحوت والحوت على الماء والقول بأن المراد أن الأرض فوق الثور باعتبار أنه وتدها حين الأخبار والثور فوق الحوت باعتبار أنه من البروج الشمالية والحوت من البروج الجنوبية والبروج الشمالية في غالب المعمورة تعد فوق البروج الجنوبية والحوت فوق الماء باعتبار أنه ليس بينه وبينه حائل يرى لايقدم عليه الا ثور أو حمار وبعضهم يؤول خبر الترتيب بأن المراد منه الاشارة الى أن عمارة الارض موقوفة على الحراثة وهي موقوفة على السعي والاضطراب وذلك الثور من مبادى الحراثة والحوت لايكاد يسكن عن الحركة في الماء وهو كما ترى والذي ينبغي أن يعول عليه الايمان بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا صح فليس وراءه عليه الصلاةوالسلام حكيم والترتيب الذي يذكره الفلاسفة لم يأتوا له ببرهان مبين وليس عندهم فيه سوى مايفيد الظن وحينئذ فيمكن القول