للمؤنة نعم لايبعد أن يكون ذلك من أسباب تكونها بارادة الله تعالى عند من يقول من المليين وغيرهم بالوسائط لا عند الاشاعرة إذ الكل عندهم مستند اليه سبحانه ابتداء فلا يتصور واسطة حقيقة على رأيهم وما ذكر من الاسباب أمور لاتفيد الا ظنا ضعيفا وحديث رؤية أجزاء الحيوانات المائية كالاصداف كذلك أيضا فانا كثيرا ما نرى في ذلك مواضع المطر وقد أخبرني من أثق به أنه شاهد ضفادع وقعت في المطر على أن ذلك لايتم على تقدير أن يكون المكشوف من الارض قد انكشف في مبدأ الفطرة ولم يكن مغمورا بالماء ثم انكشفت وهو مما ذهب اليه بعض محققي الفلاسفة أيضا واعترضوا على القائلين بأن الانكشاف قد حصل بعد بأن أقوى أدلته أن حضيص الشمس في جانب الجنوب فقرب الشمس الى الارض هناك أكثر من جانب الشمال بقدر ثخن المتمم من ممثلها فتشتد بذلك الحرارة هناك فانجذب الماء من الشمال إلى الجنوب لأن الحرارة جذابة للرطوبة فلذا انكشف الربع الشمالي فاذا انتقل الحضيض الى جانب الشمال انعكس الأمر ويرد عليه أنه لو كان كذلك لكان الربع الشمالي الآخر أيضا مكشوفا إذ لافرق بين الربعين في ذلك وفي التزام ذلك بعد على أنه لم يلتزمه أحد .
ثم إن وجود الجبال في المغمور وجودها في المعمور يستدعي أنه كان معمورا وأن الحضيض كان في غير جهته اليوم وهو قول بأن البر لايزال يكون بحرا والبحر لايزال يكون برا بتبدل جهتي الاوج والحضيض فيكون المنكشف تارة جانب الشمال وأخرى جانب الجنوب وحيث إن ذلك إنما يكون على سبيل التدريج يقتضي أن نشاهد اليوم شيئا من جانب الجنوب منكشفا ومن جانب الشمال مغمورا ولا تظن وجود ذلك ولو كان لاشتهر فان أوج الشمس اليوم في عاشرة السرطان وحركته في كل سنة دقيقة تقريبا فيكون من الوقت الذي انتقل فيه من الجانب الشمالي إلى اليوم آلاف عديدة من السنين يغمر فيها كثير ويعمر كثير نعم يحكى أن جزيرة قبرس كانت متصلة بالبر ثم حال البحر بينهما لكنه على تقدير ثبوته ليس مما نحن فيه ولا نسلم أن يكي دنيا مما حدث انكشافها لجواز أن تكون منكشفة من قبل فالحق أن هذا البر بعد أن وجد لم يصر بحرا وهذا البحر المحيط بعد أن أحاط لم يصر برا وهو الذي تقتضيه الاخبار الالهية والآثار النبوية نعم جاء في بعض الآثار ماظاهره أن الأرض المسكونة كانت مكشوفة في مبدأ الفطرة كأثر الياقوتة وفي بعض آخر منها ماظاهره أنها كانت مغمورة كخبر ابن عباس أن الله تعالى لما أراد أن يخلق الخلق أمر الريح فأبدت عن حشفة ومنها دحيت الارض ماشاء الله تعالى في الطول والعرض فجعلت تميد فجعل عليها الجبال الرواسي وفي التوراة ماهو نص في ذلك ففي أول سفر الخليقة منها أول ما خلق الله تعالى السماء والأرض وكانت غامرة مستبحرة وكان هناك ظلام وكانت رياح الاله تهب على وجه الماء فشاء الله تعالى أن يكون نور فكان ثم ذكر فيه أنه لما مضى يوم ثان شاء الله تعالى أن يجتمع الماء من تحت السماء إلى موضع واحد ويظهر اليبس فكان كذلك وسمى الله سبحانه اليبس أرضا ومجتمع الماء بحارا وفيه ايضا إن خلق النيرين كان في اليوم الثالث وهو آب عن جعل سبب الانكشاف ماسمعت عن قرب من قرب الشمس وما أشارت اليه هذه الآية ونطق به غيرها من الآيات من كون الجبال سببا لاستقرار الأرض وانها لولاها لمادت أمر لايقوم على أصولنا دليل يأباه فنؤمن به وإن لم نعلم ما وجه ذلك على التحقيق ويحتمل أن يكون وجهه أن الله تعالى خلق الأرض حسبما اقتضته حكمته صغيرة بالنسبة إلى سائر الكرات وجعل لها مقدارا من الثقل معينا ووضعها في المكان الذي وضعها فيه من