محققوهم الى أن سكونها لذاتها لالسبب منفصل قال في المباحث الشرقية : والوجه المشترك في إبطال ماقالوا في سبب السكون أن يقال : جميع ماذكرتموه من الجذب والدفع وغيرهما أمور عارضة وغير طبيعية ولا لازمة للماهية فيصح فرض ماهية الأرض عارية عنها فاذا قدرنا وقوع هذا الممكن فاما أن تحصل في حيز معين أولا تحصل فيه وحينئذ أما أن تحصل في كل الاحياز أو لاتحصل في شيء منها والاخيران ظاهرا الفساد فتعين الأول وهو أن تختص بحيز معين ويكون ذلك لطبعها المخصوص ويكون حينئذ سكونها في الحيز لذاتها لالسبب منفصل واذا عقل ذلك فليعقل في اختصاصها بالمركز أيضا ثم ذكر في تكون الجبال مباحث الاول الحجر الكبير انما يتكون لأن حرا عظيما يصادف طينا لزجا أما دفعة أو على سبيل التدريج .
وأما الارتفاع فله سبب بالذات وسبب بالعرض أما الأول فكما اذا نقلت الريح الفاعلة للزلزلة طائفة من الأرض وجعلتها تلا من التلال وأما الثاني فان يكون الطين بعد تحجره مختلف الاجزاء في الرخاوة والصلابة وتتفق مياه قوية الجري أو رياح عظيمة الهبوب فتحفر الأجزاء الرخوة وتبقى الصلبة ثم لاتزال السيول والرياح تؤثر في تلك الحفر الى أن تغور غورا شديدا ويبقى ما تنحرف عنه شاهقا والاشبه أن هذه المعمورة وقد كانت في سالف الدهر مغمورة في البحار فحصل هناك الطين اللزج الكثير ثم حصل بعد الانكشاف 1 وتكونت الجبال ومما يؤيد هذا الظن في كثير من الاحجار إذا كسرناها أجزاء الحيوانات المائية كالاصداف ثم لما حصلت الجبال وانتقلت البحار حصل الشهوق إما لأن السيول حفرت مابين الجبال وإما لأن ما كان من هذه المنكشفات أقوى تحجرا وأصلب طينة إذا أنهد مادونه بقى أرفع وأعلى إلا أن هذه أمور لاتتم في مدة تفي التواريخ بضبطها والثاني سبب عروق الطين في الجبال يحتمل أن يكون من جهة ماتفت منها وتترب وسالت عليه المياه ورطبته أو خلطت به طينها الجيد وأن يكون من جهة أن القديم من طين البحر غير متفق الجوهر منه مايقوى تحجره ومنه مايضعف وان يكون من جهة أنه يعرض للبحر أن يفيض قليلا قليلا على سهل وجبل فيعرض للسهل أن يصير طينا لزجا مستعدا للتحجر القوي وللجبل أن يتفتت كما إذا نقعت آجرة وترابا في الماء ثم عرضت الآجرة والطين على النار فانه حينئذ تتفتت الآجرة ويبقى الطين متحجرا والثالث قد نرى بعض الجبال منضودا ساقا فساقا فيشبه أن يكون ذلك لأن طينته قد ترتبت هكذا بأن كان ساق قد ارتكم أولا ثم حدث بعده في مدة أخرى ساق آخر فارتكم وكان قد سال على كل ساق من خلاف جوهره فصار حائلا بينه وبين الساق الآخر فلما تحجرت المادة عرض للحائل أن أنتثر عما بين الساقين هذا وتعقب ماذكروه في سبب التكون بأنه لايخفى أن اختصاص بعض من اجزاء الأرض بالصلابة وبعض آخر منها بالرخاوة مع استواء نسبة تلك الأجزاء كلها إلى الفلكيات التي زعموا أنها المعدات لها قطعا للمجاورة والملاصقة الحاصلة بين الاجزاء الرخوة والصلبة يستدعى سببا مخصصا وعند هذا الاستدعاء يقف العقل ويحيل ذلك الاختصاص على سبب من خارج هو الفاعل المختار جل شأنه فليت شعري لم لم يفعل ذلك أولا حذفا