لشمول الافراد لاباعتبار شمول جمع القلة للافراد وجمع الكثرة لجموع القلة فكل منهما جمع جبل لا أن جبالا جمع أجبل أهم وتعقب بأنه لعل من قال : إن الرواسي هنا جمع راسية صفة أجبل لايلتزم ماذكروا أنه إذا صح إطلاق أجبل راسية على جبال قطر مثلا صح إطلاق الجبال على جبال جميع الاقطار من غير اعتبار جعل الجبال جمعا لجموع القلة نعم لايصح أن يكون جبال جمع أجبل لأنه يصير حينئذ جمع الجمع وهو خلاف ماصرح به أهل اللغة وجعل راسية صفة جبل لاأجبل والتاء فيه للمبالغة لا للتأنيث كما في علامة يرد عليه أن تاء المبالغة في فاعلة غير مطرد .
وقال أبو حيان : إنه غلب على الجبال وصفها بالرواسي ولذا استغنوا بالصفة عن الموصوف وجمع جمع الاسم كحائط وحوائط وهو مما لاحاجة اليه لما سمعت وأورد عليه أيضا أن الغلبة تكون بكثرة الاستعمال والكلام في صحته من أول الأمر ففيما ذكره دور وأجيب بأن كثرة استعمال الرواسي غير جار على موصوف يكفي لمدعاه وفيه تأمل وكذا لاحاجة الى ماقيل : إنه جمع راسية صفة جبل مؤنث باعتبار البقعة وكل ذلك ناشيء من الغفلة عما ذكره محققو علماء العربية هذا والتعبير عن الجبال بهذا العنوان لبيان تفرع قرار الأرض على ثباتها وفي الخبر لما خلق الله تعالى الأرض جعلت تميد فخلق الله تعالى الجبال عليها فاستقرت فقالت الملائكة : ربنا خلقت خلقا أعظم من الجبال قال : نعم الحديد فقالوا : ربنا خلقت خلقا أعظم من الحديد قال : نعم النار فقالوا : ربنا خلقت خلقا أعظم من النار قال : نعم الماء فقالوا : ربنا خلقت خلقا أعظم من الماء قال : نعم الهواء فقالوا : ربنا خلقت خلقا أعظم من الهواء قال نعم ابن آدم يتصدق الصدقة بيمينه فيخفيها عن شماله وأول جبل وضع على الأرض كما أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء أبو قيس ومجموع مايرى عليها من الجبال مائة وسبعة وثمانون جبلا 1 وأبي الفلاسفة كون استقرار الارض بالجبال واختلفوا في سبب ذلك فالقائلون بالكرية منهم من جعله جذب الفلك لها من جميع الجوانب فيلزم أن تقف في الوسط كما يحكى عن ضم حديدي في بيت مغناطيس الجوانب كلها فانه وقف في الوسط لتساوي الجذب من كل جانب ورد بأن الاصغر أسرع انجذابا إلى الجاذب من الاكبر فما بال المدرة لاتنجذب إلى الفلك بل تهرب عنه إلى المركز وأيضا إن الأقرب أولى بالانجذاب من الأبعد فالمدرة المقذوفة إلى فوق أولى بالانجذاب على أصلهم فكان يجب أن لاتعود ومنهم من جعله دفع الفلك بحركته لها من كل الجوانب كما إذا جعل شيء من التراب في قارورة كرية ثم أديرت على قطبيها ادارة سريعة فانه يعرض وقوف التراب في وسطها لتساوي الدفع من كل جانب ورد بأن الدفع إذا كانت قوته هذه القوة فما باله لايحس به وأيضا مابال هذا الدفع لايجعل حركة الرياح والسحب إلى جهة بعينها وأيضا ما باله لم يجعل انتقالنا إلى المغرب أسهل من انتقالنا إلى المشرق وأيضا يجب أن تكون حركة الثقيل كلما كان أعظم أيضا لأن اندفاع الأعظم من الدافع أبطأ من اندفاع الأصغر وأيضا يجب أن تكون حركة الثقيل النازل ابتداء أسرع من حركته انتهاء لأنه عند الابتداء أقرب الى الفلك وغير القائلين بها منهم من جعلها غير متناهية من جانب السفل وسبب سكونها عندهم انها لم يكن لها مهبط تنزل فيه ويرد دليل تناهي الاجسام ومنهم من قال بتناهيها وجعل السبب طفوها على الماء مع كون محدبها فوق مسطحها أسفل واما مع العكس ورد بأن مجرد الطفو لايقتضي السكون على أن فيه عند الفلاسفة بعد مافيه وذهب