معرفتين مايفيد تحقيق إن هذه الافعال أفعاله دون مشاركة لاسيما وقد جعلت صلات للموصول وهذا أشد مناسبة للمقام من جعله وصفا مفيدا تحقيق كونه تعالى مدبرا مفصلا مع التعظيم لشأنهما كما في قول الفرزدق : إن الذي سمك السماء بني لنا بيتا دعائمه أعز وأطول وتقدم ذكر الآيات ناصر ضعيف لأن الآيات في الموضعين مختلفة الدلالة ولأن المناسب حينئذ تأخره عن قوله تعالى : وهو الذي مد الخ على أن سوق تلك الصفات أعني رفع السموات وما تلاه للغرض المذكور وسوق مقابلاتها لغرض آخر منافر وفي الأول روعي لطيفة في تعقيب الاوائل بقوله سبحانه : يدبر يفصل للايقان والثواني بقوله تعالى : إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون أي من فضل السوابق لافادتها اليقين واللواحق ذرائع الى حصوله لأن الفكر آلته والاشارة الى تقديم الثواني بالنسبة الينا مع التأخر رتبة وذلك فائت على الوجه الآخر اه وهو من الحسن بمكان فيما أرى ولا تنافي كما قال الشهاب بين الوجهين باعتبار أن الوصفية تقتضي المعلومية والخبرية تقتضي خلافها لأن المعلومية عليهما والمقصود بالافادة قوله تعالى : لعلكم بلقاء ربكم توقنون .
2 .
- أي لعلكم تتفكروا وتحققوا كمال قدرته سبحانه فتعلموا أن من قدر على ذلك قدر على الاعادة والجزاء وحاصله أنه سبحانه فعل كل ذلك لذلك وعلى الوجه الآخر فعل الأخيرين لذلك مع أن الكل له ثم قال : وهذا مما يرجح الوجه الأول أيضا كما يرجحه أنه ذكر تبيين الآيات وهي الرفع وما تلاه فانه ذكرها ليستدل بها على قدرته تعالى وعلمه ولا يستدل بها الا إذا كانت معلومة فيقتضي كونها صفة .
فان قيل : لابد في الصلة أن تكون معلومة سواء كانت صفة أو خبرا يقال : إذا كان ذلك صلة دل على انتساب الآيات الى الله تعالى وإذا كان خبرا دل على انتسابها الى موجود مبهم وهو غير كاف في الاستدلال فتأمل وقرأ النخعي وأبو رزين وأبان بن تغلب عن قتادة ندبر نفصل بالنون فيهما وكذا روى أبو عمرو الداني عن الحسن ووافق في نفصل بالنون الخفاف وعبدالوهاب عن أبي عمرو وهبيرة عن حفص وقال صاحب اللوامح : جاء عن الحسن والأعمش نفصل بالنون وقال المهدوي : لم يختلف في يدبر وليس كما قال لما سمعت ثم أنه تعالى لما ذكر من الشواهد العلوية ماذكر أردفها بذكر الدلائل السفلية فقال عز شأنه : وهو الذي مد الأرض أي بسطها طولا وعرضا قال الأصم : البسط المد الى مالا يرى منتهاه ففيه دلالة على بعد مداها وسعة أقطارها وقيل : كانت مجتمعة فدحاها من مكة من تحت البيت وقيل : كانت مجتمعة عند بيت المقدس فدحاها وقال سبحانه لها : اذهبي كذا وكذا وهو المراد بالمد ولا يخفى أنه خلاف مايقتضيه المقام واستدل بالآية على أنها مسطحة غير كرية والفلاسفة مختلفون في ذلك فذهب فريق منهم الى أنها ليست كرية وهؤلاء طائفتان فواحدة تقول : إنها محدبة من فوق مسطحة من أسفل فهي كقدح كب على وجه الماء وأخرى تقول بعكس ذلك وذهب الاكثرون منهم الى أنها كرية أما في الطول فلأن البلاد المتوافقة في العرض أو التي لاعرض لها كلما كانت أقرب الى الغرب كان طلوع الشمس وسائر الكواكب عليها متأخرا بنسبة واحدة ولا يعقل ذلك الا في الكرة وأما في العرض فلأن السالك في الشمال كلما أوغل فيه ازداد القطب ارتفاعا عليه بحسب ايغاله فيه على نسبة واحدة بحيث يراه قريبا من سمت رأسه وكذلك تظهر له الكواكب الشمالية وتخفى عنه الكواكب الجنوبية والسالك الواغل في الجنوب بالعكس من ذلك وأما فيما بينهما فلتركب