تمثيلية للحفظ والتدبير وبعضهم فسر استوى باستولى ومذهب السلف في ذلك شهير ومع هذا قدمنا الكلام فيه وأياما كان فليس المراد به القصد إلى إيجاد العرش كما قالوا في قوله تعالى : ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات لأن ايجاده قبل إيجاد السموات ولا حاجة الى ارادة ذلك مع القول بسبق الايجاد وحمل ثم على التراخي في الرتبة نعم قال بعضهم : إنها للتراخي الرتبي لا لأن الاستواء بمعنى القصد المذكور وهو متقدم بل لأنه صفة قديمة لائقة به تعالى شأنه وهو متقدم على رفع السموات أيضا وبينهما تراخ في الرتبة وسخر الشمس والقمر ذللهما وجعلهما طائعين لما أريد منهما كل من الشمس والقمر يجري يسير في المنازل والدرجات لأجل مسمى أي وقت معين فان الشمس تقطع الفلك في سنة والقمر في شهر لايختلف جرى كل منهما في قوله تعالى : والشمس تجري لمستقر لها .
والقمر قدرناه منازل وهو المروي عن ابن عباس وقيل : أي كل يجري لغاية مضروبة دونها سيره وهي إذا الشمس كورت واذا النجوم انكدرت وهذا مراد مجاهد من تفسير الاجل المسمى بالدنيا قيل : والتفسير الحق ما روى عن الحبر وأما الثاني فلا يناسب الفصل به بين التسخير والتدبير ثم أن غايتهما متحدة والتعبير بكل يجري صريح في التعدد وما للغاية الى دون اللام ورد بأنه ان أراد أن التعبير بذلك صريح في تعدد ذي الغاية فمسلم لكن لايجديه نفعا وان أراد صراحته في تعدد الغاية فغير مسلم واللام تجيء بمعنى الى كما في المعنى وغيره وأنت تعلم لايفيد أكثر من صحة التفسير الثاني فافهم وما أشرنا اليه من المراد من كل هو الظاهر وزعم ابن عطية أن ذكر الشمس والقمر قد تضمن ذكر الكواكب فالمراد من كل منهما ومما هو في معناهما من الكواكب والحق ما علمت يدبر الأمر أي أمر العالم العلوي والسفلي والمراد أنه سبحانه يقضي ويقدر ويتصرف في ذلك على أكمل الوجوه والا فالتدبير بالمعنى اللغوي لاقتضائه التفكر في دبر الامور مما لايصح نسبته اليه تعالى : يفصل الآيات أي ينزلها ويبينها مفصلة والمراد بها آيات الكتب المنزلة أو القرآن على ماهو المناسب لما قبل أو المراد بها الدلائل المشار اليها فيما تقدم وبتفصيلها تبيينها وقيل احداثها على ماهو المناسب لما بعد .
والجملتان جوز أن يكونا مستأنفتين وأن يكونا حالين من ضمير استوى وسخر من تتمته بناء على أنه جيء به لتقرير معنى الاستواء وتبيينه أو جملة مفسرة له وجوز أن يكون يدبر حالا من فاعل سخر و يفصل حالا من فاعل يدبر و الله الذي الخ على جميع التقادير مبتدأ وخبر وجوز أن يكون الاسم الجليل مبتدأ والموصول صفته وجملة يدبر خبره وجملة يفصل خبرا بعد خبر ورجح كون ذلك مبتدأ وخبرا في الكشف بأن قوله تعالى الآتي : وهو الذي مد الارض عطف عليه على سبيل التقابل بين العلويات والسفليات وفي المقابل تتعين الخبرية فكذلك في المقابل ليتوافقا ولدلالته على أن كونه كذلك هو المقصود بالحكم لاأنه ذريعة إلى تحقيق الخبر وتعظيمه كما في الوجه الآخر ثم قال : وهو على هذا جملة مقررة لقوله سبحانه : والذي أنزل إليك من ربك هو الحق وعدل عن ضمير الرب الى الاسم المظهر الجامع لترشيح التقرير كأنه قيل : كيف لايكون منزل من هذه افعاله الحق الذي لاأحق منه وفي الاتيان بالمبتدأ والخبر