له الا الذب عن ساحة النبوة التي هي أمانة الله تعالى العظمى فقال : هي راودتني عن نفسي والا فاللائق بمقام الكرم السكوت عن جوابها لئلا يفضحها وقيل : إنها ادعت محبة يوسف وتبرأت منها عند نزول البلاء أراد يوسف عليه السلام أن يلزمها ملامة المحبة فان الملامة شعار المحبين ومن لم يكن ملوما في العشق لم يكن متحققا فيه أن كيدكن عظيم عظم كيدهن لأنهن إذا ابتلين بالحب أظهرن مما يجلب القلب ما يعجز عنه ابليس مع مساعدة الطبيعة الى الميل اليهن وقوة المناسبة بين الرجال وبينهن كما يشير اليه قوله تعالى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها فما في العالم فتنة أضر على الرجال من النساء قد شغفها حبا قال الجنيد قدس سره : الشغف أن لايرى المحب جفاء له جفاء بل يراه عدلا منه ووفاء .
وتعذيبكم عذب لدى وجوركم على بما يقضى الهوى لكم عدل إنا لنراها في ضلال مبين قال ابن عطاء : في عشق مزعج فلما رأينه أكبرنه عظمنه لما رأين في وجهه نور الهيبة وقطعن أيديهن لاستغراقهن في عظمته وجلاله ولعله كشف لهن مالم يكشف لزليخا قال ابن عطاء : دهشن في يوسف وتحيرن حتى قطعن أيديهن ولم يشعرن بالالم وهذه غلبة مشاهدة مخلوق لمخلوق فكيف بمن يحظى بمشاهدة من الحق فينبغي أن لاينكر عليه إن تغير وصدر عنه ماصدر وأعظم من يوسف عليه السلام في هذا الباب عند ذوي الابصار السليمة النور المحمدي المنقدح من النور الالهي والمتشعشع في مشكاة خاتم الرسل E فانه لعمري أبو الأنوار وما نور يوسف بالنسبة الى نوره E الا النجم وشمس النهار .
لواحي زليخا لو رأين جبينه لآثرن بالقطع القلوب على الأيدي وقلن : ماهذا بشرا إن هذا الا ملك كريم قلن ذلك اعظاما له عليه السلام من أن يكون من النوع الانساني قال محمد بن علي رضى الله تعالى عنهما : أردن ماهذا بأهل أن يدعى إلى المباشرة بل مثله من يكرم وينزه عن مواضع الشبه والاول أوفق بقولها : فذلكن الذي لمتنني فيه أرادت أن لو مكن لم يقع في محزه وكيف يلام من هذا محبوبه وكأنها أشارت إلى أنها مجبورة في ذلك الوله معذورة في مزيد حبها له : خليلي إني قلت بالعدل مرة ومنذ علاني الحب مذهبي الجبر وفي ذلك اشارة أيضا إلى أن اللوم لايصدر الا عن خلي ولذا لم تعاتبهن حتى رأت ماصنع الهوى بهن وما أحسن ماقيل : وكنت إذا ما حدث الناس بالهوى ضحكت وهم يبكون في حسرات فصرت إذا ماقيل هذا متيم تلقيتهم بالنوح والعبرات وقال سلطان العاشقين : دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى فاذا عشقت فبعد ذلك عنف قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه قيل : لأن السجن مقام الانس والخلوة والمناجاة والمشاهدات والمواصلات وفيما يدعونه اليه مايوجب البعد عن الحضرة والحجاب عن مشاهدة القربة وقيل : طلب السجن ليحتجب عن زليخا فيكون ذلك سببا لأزدياد عشقها وانقلابه روحانيا قدسيا كعشق أبيه له وقال ابن عطاء : ماأراد عليه السلام بطلب ذلك إلا الخلاص من الزنا ولعله لو ترك الاختيار لعصم من غير امتحان كما عصم في