عبرات خططن في الخد سطرا فقراه من لم يكن قط يقرا صابر الصبر فاستغاث به الصبر فصاح المحب بالصبر صبرا قال يابشرى هذا غلام قال جعفر : كان لله تعالى في يوسف عليه السلام سر فغطى عليهم موضع سره ولو كشف للسيارة عن حقيقة ماأودع في ذلك البدر الطالع من برج دلوهم لما اكتفى قائلهم بذلك ولما اتخذوه بضاعة ولهذا لما كشف للنسوة بعض الامر قلن : ماهذا بشرا ان هذا الا ملك كريم ولجهلهم أيضا بماأودع فيه من خزائن الغيب باعوه بثمن بخس وهو معنى قوله سبحانه : وشروه بثمن بخس قال الجنيد قدس سره : كل ما وقع تحت العد والاحصاء فهو بخس ولو كان جميع مافي الكونين فلا يكن حظك البخس من ربك فتميل اليه وترضى به دون ربك جل جلاله وقال ابن عطاء : ليس ما باع اخوة يوسف من نفس لايقع عليها البيع بأعجب من بيع نفسك بأدنى شهوة بعد أن بعتها من ربك بأوفر الثمن قال الله تعالى : إن الله اشترى من المؤمنين الآية فبيع ماتقدم بيعه باطل وانما باع يوسف أعداؤه وأنت تبيع نفسك من أعدائك وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه قيل : أي لاتنظري اليه نظر الشهوة فان وجهه مرآة تجلى الحق في العالم أولا تنظري اليه بنظر العبودية ولكن انظري اليه بنظر المعرفة لتري فيه أنوار الربوبية أو اجعلي محبته في قلبك لافي نفسك فان القلب موضع المعرفة والطاعة والنفس موضع الفتنة والشهوة عسى أن ينفعنا قيل : أي بأن يعرفنا منازل الصديقين ومراتب الروحانيين ويبلغنا ببركة صحبته الى مشاهدة رب العالمين وقيل : أراد حسنى صحبته في الدنيا لعله أن يشفع لنا في العقبى وراودته التي هو في بيتها حيث غلب عليها العشق وغلقت الابواب قطعت الاسباب وجمعت الهمة إليه أو غلقت ابواب الدار غيرة أن يرى أحد أسرارهما ولقد هممت به قال ابن عطاء : هم شهوة وهم بها هم زجر عما همت به بضرب أو نحوه لولا أن رأى برهان ربه وهو الواعظ الالهي في قلبه كذلك لنصرف عنه السوء والخواطر الرديئة والفحشاء الافعال القبيحة وقيل : البرهان هو انه لم يشاهد في ذلك الوقت الا الحق سبحانه وتعالى وقيل : هو مشاهدة أبيه يعقوب عليه السلام عاضا على سبابته وجعل ذلك بعض أجلة مشايخنا أحد الأدلة على أن للرابطة المشهورة عند ساداتنا النقشبندية أصلا أصيلا وهو على فرض صحته بمراحل عن ذلك واستبقا الباب فرارا من محل الخطر : قيل : لو فر الى الله تعالى لكفاه ولما ناله بعد ما عناه وألفيا سيدها لدى الباب قالت ماجزاء من أراد بأهلك سوءا نفت عن نفسها الذنب لأنها علمت إذ ذاك أنها لو بينت الحق لقتلت وحرمت من حلاوة محبة يوسف والنظر الى وجهه .
لحبك أحببت البقاء لمهجتي فلا طال إن أعرضت عني بقائيا وإنما عرضت بنسبة الذنب اليه لعلمها بانه عليه السلام لم يبق في البؤس ولا يقدر أحد على أن يؤذيه لما أن وجهه سالب القلوب وجالب الأرواح .
له في طرفه لحظات سحر يميت بها ويحيى من يريد ويسبي العالمين بمقلتيه كأن العالمين له عبيد وقال ابن عطاء : إنها إذ ذاك لم تستغرق في محبته بعد فلذا لم تخبر بالصدق وآثرت نفسها عليه ولهذا لما استغرقت في المحبة آثرت نفسه على نفسها فقالت : الآن حصحص الحق الآية ثم أنه عليه السلام لم يسعه بعد تهمتها