على آدم عليه السلام وهو مجلى الحق للخلق لو يعلمون فلما رأت الملائكة مارأت من آدم سجدوا له وههنا سجد ليوسف من سجد وهم الشمس والقمر والكواكب المعدودة المشار بهم إلى أبويه وإخوته الذين هم على القول بنبوتهم خير من الملائكة عليهم السلام ولا بدع إذ سجدوا لمن يتلألأ من وجهه الأنوار القدسية والاشعة السبوحية .
لويسمعون كما سمعت حديثها خروا لعزة ركعا وسجودا وقد يقال : إن إبراهيم عليه السلام لما رأى في وجنة الكوكب ونقطة حال القمر وأسرة جبين الشمس أمارت الحدثان وصرف وجهه عنها متوجها إلى ساحة القدم المنزهة عن التغير المصونة عما يوجب النقص قائلا : إني بريء مما تشركون أسجد الله تعالى الشمس والقمر واسجد بدل الكواكب كواكب لبعض بنيه اعظاما لأمره ومبالغة في تنزيه جلال الكبرياء وحيث تأخرت البراءة إلى الثالث تأخر أمر الاسجاد إلى ثالث البنين وليس المقصود من هذا الا بيان بعض من أسرار تخصيص المذكور بالاراءة مع احتمال أن يكون هناك مايصلح أن يكون رؤياه ساجدا معبرا بسجود أبويه واخوته له عليهم السلام في عالم الحسن فتدبر .
قال يابني لاتقصص رؤياك على إخوتك فيه إشارة إلى بعض آداب المريدين فقد قالوا : انه لاينبغي لهم أن يفشوا سر المكاشفة الا لشيوخهم والا يقعوا في ورطة ويكونوا مرتهنين بعيون الغيرة .
بالسر ان باحوا تباح دماؤهم وكذا دماء البائحين تباح فيكيدوا لك كيدا هذا من الالهامات المجملة وهي انذارات وبشارات ويجوز أن يكون علم عليه السلام ذلك من الرؤيا قال بعضهم : إن يعقوب دبر ليوسف عليهما السلام في ذلك الوقت خوفا عليه فوكل إلى تدبيره فوقع به ماوقع ولو ترك التدبير ورجع إلى التسليم لحفظ لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين وذلك كسواطع نور الحق من وجهه وظهور علم الغيب من قبله ومزيد الكرم من أفعاله وحسن عقبى الصبر من عاقبته وكسوء حال الحاسد وعدم نقض ماأبرمه الله تعالى وغير ذلك وقال بعضهم : إن من الآيات في يوسف عليه السلام أنه حجة على كل من حسن الله تعالى خلقه أن لايشوهه بمعصيته ومن لم يراع نعمة الله تعالى فعصى كان أشبه شيء بالكنيف المبيض والروث المفضض .
وقال ابن عطاء : من الآيات أن لايسمع هذه القصة محزون مؤمن بها إلا استروح وتسري به مافيه وجاؤا أباهم عشاءا يبكون قيل : إن ذلك كان بكاء فرح بظفرهم بمقصودهم لكنهم أظهروا أنه بكاء حزن أجرا في الظلمة على الاعتذار أو ليدلسوا على أبيهم ويوهموه أن ذلك بكاء حقيقة لاتباك فانهم لو جاؤا ضحى لافتضحوا .
إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى فصبر جميل وهو السكون إلى موارد القضاء سرا وعلنا وقال يحيى بن معاذ : الصبر الجميل أن يتلقى البلاء بقلب رحيب ووجه مستبشر وقال الترمذي : هو أن يلقى العبد عنانه إلى مولاه ويسلم اليه نفسه مع حقيقة المعرفة فاذا جاء حكم من أحكامه ثبت له مسلما ولا يظهر لوروده جزعا ولا يرى لذلك مغتما وأنشد الشبلي في حقيقة الصبر