كذبوهم فيما جاؤا به جاء الرسل نصرنا وروى ذلك أيضا عن سعيد بن جبير أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ربيعة بن كلثوم قال : حدثني أبي أن مسلم بن يسار سأل سعيد بن جبير فقال : ياأبا عبدالله آية قد بلغت مني كل مبلغ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا فان الموت أن تظن الرسل أنهم قد كذبوا مثقلة أو تظن أنهم قد كذبوا مخففة فقال سعيد : حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم وظن قومهم أن الرسل كذبتهم جاءهم نصرنا فقام مسلم اليه فاعتنقه وقال : فرج الله تعالى عنك كما فرجت عني وروى أنه قال ذلك بمحضر من الضحاك فقال له : لو رحلت في هذه الى اليمن لكان قليلا وقيل : ضمير ظنوا للمرسل اليهم وضمير أنهم و كذبوا للرسل عليهم السلام أي وظنوا أن الرسل عليهم السلام اخلفوا فيما وعد لهم من النصر وخلط الامر عليهم وقرأ غير واحد من السبعة والحسن وقتادة ومحمد ابن كعب وأبو رجاء وابن أبي مليكة والاعرج وعائشة في المشهور كذبوا بالتشديد والبناء للمفعول والضمائر على هذا للرسل عليهم عليهم السلام أي ظن الرسل أن اممهم كذبوهم فيما جاءوا به لطول البلاء عليهم فجاءهم نصر الله تعالى عند ذلك وهو تفسير عائشة رضي الله تعالى عنها الذي رواه البخاري عليه الرحمة والظن بمعناه أو بمعنى اليقين أو التوهم وعن ابن عباس ومجاهد والضحاك أنهم قرؤوا كذبوا مخففا مبنيا للفاعل فضمير ظنوا للأمم وضمير أنهم قد كذبوا للرسل أي ظن المرسل اليهم أن الرسل قد كذبوا فيما وعدوهم به من النصر أو العقاب وجوز أن يكون ضمير ظنوا للرسل وضمير أنهم قد كذبوا للمرسل اليهم أي ظن الرسل عليهم السلام أن الأمم كذبتهم فيما وعدوهم به من أنهم يؤمنون والظن الظاهر كما قيل : إنه بمعنى اليقين وقريء كما قال أبو البقاء : كذبوا بالتشديد والبناء للفاعل وأول ذلك بأن الرسل عليهم السلام ظنوا أن الأمم قد كذبوهم في وعدهم هذا والمشهور استشكال الآية من جهة أنها متضمنة ظاهرا على القراءة الأولى نسبة مالايليق من الظن إلى الانبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام واستشكل بعضهم نسبة الاستيآس اليهم عليهم السلام أيضا بناء على أن الظاهر أنهم استيأسوا مما وعدوا به وأخبروا بكونه فان ذلك أيضا مما لايليق نسبته اليهم وأجيب بأنه لايراد ذلك وإنما يراد أنهم استيأسوا من إيمان قومهم .
واعترض بأنه يبعده عطف وظنوا أنهم قد كذبوا الظاهر في أنهم ظنوا كونهم مكذوبين فيما وعدوا به عليه .
وذكر المجد في هذا المقام غير ماذكره أولا وهو أن الاستيآس وظن أنهم مكذوبين كليهما متعلقان بما ضم للموعود به اجتهادا وذلك أن الخبر عن استيآسهم مطلق وليس في الآية مايدل على تقييده بما وعدوا به وأخبروا بكونه وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن الله تعالى إذا وعد الرسل بنصر مطلق كما هو غالب اخباراته لم يعين زمانه ولا مكانه ولا صفته فكثيرا ما يعتقد الناس في الموعود به صفات أخرى لم يدل عليها خطاب الحق تعالى بل اعتقدوها بأسباب أخرى كما اعتقد طائفة من الصحابة Bهم إخبار النبي صلى الله عليه وسلّم لهم أنهم يدخلون المسجد الحرام ويطوفون به أن ذلك يكون عام الحديبية لأن النبي A خرج معتمرا ورجا أن يدخل مكة ذلك العام ويطوف ويسعى فلما استيئسوا من ذلك ذلك العام لما صدهم المشركون حتى قاضاهم E على الصلح المشهور بقى في قلب بعضهم شيء قال عمر رضي الله تعالى عنه مع أنه كان