بعضهم أن الآية نزلت 1 في سجاح بنت المنذر المنبئة التي يقول فيها الشاعر : أمست نبيتنا أنثى تطوف بها ولم تزل أنبياء الله ذكرانا فلعنة الله والاقوام كلهم على سجاح ومن بالافك أغرانا أعني مسيلمة الكذاب لاسقيت اصداؤه ماء مزن أينما كانا وهو مما لاصحة له لأن ادعاءها النبوة كان بعد النبي صلى الله عليه وسلّم وكونه أخبارا بالغيب لا قرينة عليه نوحي اليهم كما أوحينا اليك وقرا أكثر السبعة يوحى بالياء وفتح الحاء مبنيا للمفعول وقراءة النون وهي قراءة حفص وطلحة وأبي عبدالرحمن موافقة لأرسلنا من أهل القرى لأن أهلها كما قال ابن زيد وغيره : وهو مما لاشبهة فيه أعلم وأحلم من أهل البادية ولذا يقال : لأهل البادية أهل الجفاء وذكروا أن التبدي مكروه الا في الفتن وفي الحديث من بدا جفا قال قتادة : مانعلم أن الله تعالى أرسل رسولا قط إلا من أهل القرى ونقل عن الحسن أنه قال : لم يبعث رسول من أهل البادية ولا من النساء ولا من الجن وقوله تعالى : وجاء بكم من البدو قد مر الكلام فيه آنفا .
أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم من المكذبين بالرسل والآيات من قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح وسائر من عذبه الله تعالى فيحذروا تكذيبك وروى هذا عن الحسن وجوز أن يكون المراد عاقبة الذين من قبلهم من المشغوفين بالدنيا المتهالكين عليها فيقلعوا ويكفوا عن حبها وكأنه لاحظ المجوز ماسيذكر والاستفهام على مافي البحر للتقريع والتوبيخ ولدار الآخرة من إضافة الصفة إلى الموصوف عند الكوفية أي ولا الدار الآخرة وقدر البصري موصوفا أي ولدار الحال أو الساعة أو الحياة الآخرة وهو المختار عند التكثير في مثل ذلك خير للذين أتقوا الشرك والمعاصي : أفلا تعقلون .
901 .
- فتستعملوا عقولكم لتعرفوا خيرية دار الآخرة فتتوسلوا اليها بالاتقاء قيل : إن هذا من مقول قل أي قل لهم مخاطبا أفلا تعقلون فالخطاب على ظاهره وقوله سبحانه : وما أرسلنا من قبلك إلى من قبلهم أو اتقوا اعتراض بين مقول القول واستظهر بعضهم كون هذا التفاتا وقرأ جماعة يعقلون بالياء رعيا لقوله سبحانه : أفلم يسيروا حتى أذا استيئس الرسل غاية لمحذوف دل عليه السياق والتقدير عند بعضهم لايغرنهم تماديهم فيما هم فيه من الدعة والرخاء فان من قبلهم قد أمهلوا حتى يئس الرسل من النصر عليهم في الدنيا أو من إيمانهم لأنهماكهم في الكفر وتماديهم في الطغيان من غير وازع وقال أبو الفرج بن الجوزي : التقدير وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا فدعوا قومهم فكذبوهم وصبروا وطال دعاؤهم وتكذيب قومهم حتى إذا استيأس الخ وقال القرطبي : التقدير وما أرسلنا من قبلك الا رجالا ثم لم نعاقب اممهم حتى إذا استيأس الخ وقال الزمخشري : التقدير وما أرسلنا من قبلك الا رجالا فتراخى النصر حتى إذا الخ ولعل الأول أولى وان كان فيه كثرة حذف والاستفعال بمعنى المجرد كما أشرنا