هم المنافقون جهروا بالايمان واخفوا الكفر ونسب ذلك للبلخي وعن الحبر أنهم المشبهة آمنوا مجملا وكفروا مفصلا وعن الحسن أنهم المراؤون بأعمالهم والرياء شرك خفي وقيل : هم المناظرون الى الاسباب المعتمدون عليها وقيل : هم الذين يطيعون الخلق بمعصية الخالق وقد يقال نظرا الى مفهوم الآية : إنهم من يندرج فيهم كل من أقر بالله تعالى وخالقيته مثلا وكان مرتكبا مايعد شركا كيفما كان ومن أولئك عبدة القبور الناذرون لها المعتقدون للنفع والضر ممن الله تعالى أعلم بحاله فيها وهم اليوم أكثر من الدود واحتجت الكرامية بالآية على أن الايمان مجرد الاقرار باللسان وفيه نظر أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أي عقوبة تغشاهم وتشملهم والاستفهام انكار فيه معنى التوبيخ والتهديد كما في البحر والكلام في العطف ومحل الاستفهام في الحقيقة مشهور وقد مر غير مرة والمراد بهذه العقوبة ما يعم الدنيوية والاخروية على ما قيل وفي البحر ما هو صريح في الدنيوية للمقابلة بقوله سبحانه : أو تأتيهم الساعة بغتة فجأة من غير سابقة علامة وهو الظاهر وهم لايشعرون .
701 .
- باتيانها غير مستعدين لها قل هذه سبيلي أي هذه السبيل التي هي الدعوة الى الايمان والتوحيد سبيلي كذا قالوا والظاهر أنهم أخذوا الدعوة الى الايمان من قوله تعالى وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين لإفادة أنه يدعوهم الى الايمان بجد وحرص وان لم ينفع فيهم والدعوة الى التوحيد من قوله سبحانه : وما يؤمن أكثرهم لدلالته على أن كونه ذكرا لهم لاشتماله على التوحيد لكنهم لايرفعون له رأسا كسائر آيات الآفاق والانفس الدالة على توحده تعالى ذاتا وصفات وفسر ذلك بقوله تعالى : أدعوا الى الله أي أدعوا الناس الى معرفته سبحانه بصفات كماله ونعوت جلاله ومن جملتها التوحيد فالجملة لامحل لها من الاعراب وقيل : ان الجملة في موضع الحال من الياء والعامل فيها معنى الاشارة وتعقب بأن الحال في مثله من المضاف اليه مخالفة للقواعد ظاهرا وليس ذلك مثل أن اتبع ملة ابراهيم حنيفا واعترض أيضا بأن فيه تقييد الشيء بنفسه وليس ذاك على بصيرة أي بيان وحجة واضحة غير عمياء والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير أدعو وزعم أبو حيان أن الظاهر تعلقه بأدعو وقوله تعالى : أنا تأكيد لذلك الضمير أو للضمير الذي في الحال وقوله تعالى : ومن اتبعني عطف على ذي الحال ونسبة أدعو اليه من باب التغليب كما قرر في قوله تعالى : اسكن أنت وزوجك الجنة ومنهم من قدر في مثله فعلا عاملا في المعطوف ولم يعول عليه المحققون ومنع عطفه على أنا لكونه تأكيدا ولا يصح في المعطوف كونه تأكيدا كالمعطوف عليه واعترض بأن ذلك غير لازم كما يقتضيه كلام المحققين وجوز كون من مبتدأ خبره محذوف أي ومن اتبعني كذلك أي داع وأن يكون عل بصيرة خبرا مقدما وأنا مبتدأ ومن عطف عليه وقوله تعالى وسبحان الله أي وأنزهه سبحانه وتعالى تنزيها من الشركاء وهو داخل تحت القول وكذا وما أنا من المشركين .
801 .
- في وقت من الاوقات والكلام مؤكد لما سبق من الدعوة الى الله تعالى وقرأ عبدالله قل هذا سبيلي على التذكير والسبيل تؤنث وقد تذكر وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا رد لقولهم : لو شاء ربك لأنزل ملائكة نفي له وقيل : المراد نفي استنباء النساء ونسب ذلك الى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وزعم