ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه غعليه السلام لما رأى سجود أبويه واخوته له هاله ذلك واقشعر جلده منه ولا يبعد أن يكون ذلك من تمام تشديد الله تعالى على يعقوب عليه السلام كأنه قيل له : أنت كنت دائم الرغبة في وصاله والحزن على فراقه فاذا وجدته فاسجد له ويحتمل أيضا أنه عليه السلام انما فعله مع عظم قدره لتتبعه الاخوة فيه لأن الافة ربما حملتهم على الأنفة منه فيجر الى ثوران الاحقاد القديمة وعدم عفو يوسف عليه السلام ولا يخفى أن الجواب عن الاول لايفيد لما علمت أن مبناه موافقة الظاهر والاحتمالات المذكورة في الجواب عن الثاني قد ذكرها أيضا الامام وهي كما ترى وأحسنها احتمال أن الله تعالى قد أمره بذلك لحكمة لايعلمها الا هو ومن الناس من ذهب الى أن ذلك السجود لم يكن الا من الاخوة فرارا من نسبته الى يعقوب عليه السلام لما علمت وقد رد بما اشرنا اليه أولا من أن الرؤيا تستدعي العموم وقد أجاب عن ذلك الامام بأن تعبير الرؤيا لايجب أن يكون مطابقا للرؤيا بحسب الصورة والصفة من كل الوجوه فسجود الكواكب والشمس والقمر يعبر بتعظيم الاكابر من الناس له عليه السلام ولا شك أن ذهاب يعقوب واولاده من كنعان الى مصر لأجله في نهاية التعظيم له فكفى هذا القدر في صحة الرؤيا فأما أن يكون التعبير كالاصل حذو القذة بالقذة فلم يوجبه أحد من العقلاء اه والحق أن السجود بأي معنى كان وقع من الأبوين والاخوة جميعا والقلب يميل ألى أنه كان انحناء كتحية الاعاجم وكثير من الناس اليوم ولا يبعد أن يكون ذلك بالخرور ولا بأس في أن يكون من الابوين وهما على سرير ملكه ولا يأبى ذلك رؤياه عليه السلام من قبل أي من قبل سجودكم أو من قبل هذه الحوادث والظرف متعلق برؤياي وجوز تعلقها بتأويل لأنها أولت بهذا قبل وقوعها وجوز أبو البقاء كونه متعلقا بمحذوف وقع حالا من رؤياي وصحة وقوع الغايات حالا تقدم الكلام فيها قد جعلها ربي حقا أي صدقا والرؤيا توصف بذلك ولو مجازا وأعربه جمع على أنه مفعول ثان لجعل وهي بمعنى صير وجوز أن يكون حالا أي وضعها صحيحة وان يكون صفة مصدر محذوف أي جعلا حقا وأن يكون مصدرا من غير لفظ الفعل بل من معناه لأن جعلها في معنى حققها و حقا في معنى تحقيق والجملة على ماقال أبو البقاء حال مقدرة أو مقارنة وقد أحسن بي الأصل كما في البحر أن يتعدى الاحسان بإلى أو اللام كقوله تعالى : وأحسن كما أحسن الله اليك وقد يتعدى بالباء كقوله تعالى : وبالوالدين احسانا وكقول كثير عزة : اسيئي بنا او أحسني لاملومة لدينا ولا مقلية إن تقلت وحمله بعضهم على تضمين أحسن معنى لطف ولا يخفى مافيه من اللطف الا أن بعضهم أنكر تعدية لطف بالباء وزعم أنه لايتعدى الا باللام فيقال : لطف الله تعالى له أي أوصل اليه مراده بلطف وهذا مافي القاموس لكن المعروف في الاستعمال تعديه بالباء وبه صرح في الاساس وعليه المعول وقيل : الباء بمعنى الى وقيل : المفعول محذوف أي أحسن صنعه بي فالباء متعلقة بالمفعول المحذوف وفيه حذف المصدر وابقاء معموله وهو ممنوع عند البصريين وقوله إذ أخرجني من السجن منصوب بأحسن أو بالمصدر المحذوف عند من يرى جواز ذلك واذا كانت تعليلية فالاحسان هو الاخراج من السجن بعد أن ابتلى به