في التركيب معنى الدعاء فليس المعنى على ذلك والحق مع العلامة كما لايخفى وزعم صاحب الفرائد أن التقدير ادخلوا مصر إن شاء الله دخلتم آمنين فآمنين متعلق بالجزاء المحذوف وحينئذ لايفتقر إلى التقديم والتأخير وإلى أن يجعل الجزائية معترضة وتعقب بأنه لاارتياب أن هذا الاستثناء في أثناء الكلام كالتسمية في الشروع فيه للتيمن والتبرك واستعماله مع الجزاء كالشريعة المنسوخة فحسن موقعه في الكلام أن يكون معترضا فافهم ورفع أبويه عند نزولهم بمصر على العرش على السير كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما تكرما لهما فوق ما فعله بالاخوة وخروا له أي أبواه واخوته وقيل : الضمير للاخوة فقط وليس بذاك فان الرؤيا تقتضي أن يكون الابوان والاخوة خروا له سجدا أي على الجباه كما هو الظاهر وهو كما قال أبو البقاء حال مقدرة لأن السجود يكون بعد الخرور وكان ذلك جائزا عندهم وهو جار مجرى التحية والتكرمة كالقيام والمصافحة وتقبيل ونحوها من عادات الناس الفاشية في التعظيم والتوقير قال قتادة : كان السجود تحية الملوك عندهم وأعطى الله تعالى هذه الامة السلام تحية أهل الجنة كرامة منه تعالى عجلها لهم وقيل : ما كان ذلك الا ايماء بالرأس وقيل : كان كالركوع البالغ دون وضع الجبهة على الأرض وقيل : المراد به التواضع ويراد بالخرور المرور كما في قوله تعالى : والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا فقد قيل : المراد لم يمروا عليها كذلك وأنت تعلم أن اللفظ ظاهر في السقوط وقيل : ونسب لابن عباس أن المعنى خروا لأجل يوسف سجدا لله شكرا على ماأوزعهم من النعمة وتعقب بأنه يرده قوله تعالى : وقال ياأبت هذا تأويل رءياي إذ فيها رأيتهم لي ساجدين ودفع بان القائل به يجعل اللام للتعليل فيهما وقيل : اللام فيهما بمعنى إلى كما في صلى للكعبة قال حسان : ماكنت أعرف أن الدهر منصرف عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكم وأعرف الناس بالأشياء والسنن وذكر الامام أن القول بأن السجود كان لله تعالى لا ليوسف عليه السلام حسن والدليل عليه أن قوله تعالى : ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا مشعر بأنهم صعدوا ثم سجدوا ولو كان السجود ليوسف عليه السلام كان قبل الصعود والجلوس لأنه أدخل في التواضع بخلاف سجود الشكر لله تعالى ومخالفة ظاهر الترتيب ظاهر المخالفة للظاهر ودفع مايرد عليه مما علمت بما علمت ثم قال : وهو متعين عندي لأنه يبعد من عقل يوسف عليه السلام ودينه أن يرضى بأن يسجد له أبوه مع سابقته في حقوق الولادة والشيخوخة والعلم والدين وكمال النبوة وأجيب بأن تأخير الخرور عن الرفع ليس بنص في المقصود لأن الترتيب الذكري لايجب كونه على وفق الترتيب الوقوعي فلعل تأخيره عنه ليتصل به ذكر كونه تعبيرا لرؤياه وما يتصل به وبأنه يحتمل أن يكون الله تعالى قد أمر يعقوب بذلك لحكمة لايعلمها الا هو وكان يوسف عليه السلام عالما بالأمر فلم يسعه الا السكوت والتسليم وكأن في قوله : ياأبت الخ اشارة الى ذلك كأنه يقول : ياأبت لايليق بمثلك على جلالتك في العلم والدين والنبوة أن تسجد لولدك الا أن هذا أمر أمرت به وتكليف كلفت به فان رؤيا الانبياء حق كما أن رؤيا ابراهيم ذبح ولده صار سببا لوجوب الذبح في اليقظة ولذا جاء عن