لحصول المقصود فتأمل فلما دخلوا على يوسف روى أنه عليه السلام جهز إلى أبيه جهازا ومائتي راحلة ليتجهز اليه بمن معه وفي التوراة أنه عليه السلام أعطى لكل من إخوته خلعة وأعطى بنيامين ثلثمائة درهم وخمس خلع وبعث لأبيه بعشرة حمير موقرة بالتحف وبعشرة أخرى موقرة برا وطعاما .
وجاء في بعض الاخبار أنه عليه السلام خرج هو والملك 1 في أربعة آلاف من الجند والعظماء وأهل مصر بأجمعهم لاستقباله فتلقوه عليه السلام وهو يمشي يتوكأ على يهوذا فنظر إلى الخيل والناس فقال : يا يهوذا أهذا فرعون مصر قال : لا يا أبت ولكن هذا ابنك يوسف قيل له : إنك قادم فتلقاك بما ترى فلما لقيه ذهب يوسف عليه السلام ليبدأه بالسلام فمنع ذلك ليعلم أن يعقوب أكرم على الله تعالى منه فاعتنقه وقبله وقال : السلام عليك ايها الذاهب بالاحزان عني وجاء أنه عليه السلام قال لأبيه : ياأبت بكيت علي حتى ذهب بصرك ألم تعلم أن القيامة تجمعنا قال : بلى ولكن خشيت أن تسلب دينك فيحال بيني وبينك .
وفي الكلام إيجاز والتقدير فرحل يعقوب عليه السلام بأهله وساروا حتى أتوا يوسف فلما دخلوا عليه وكان ذلك فيما قيل يوم عاشوراء ءاوى اليه أبويه أي ضمهما اليه واعتنقهما والمراد بهما أبوه وخالته ليا وقيل : راحيل وليس بذاك والخالة تنزل منزلة الأم لشفقتها كما ينزل العم منزلة الأب ومن ذلك قوله : واله آبائك إبراهيم واسماعيل واسحق وقيل : انه لما تزوجها بعد أمه صارت رابة ليوسف عليه السلام فنزلت منزلة الأم لكونها مثلها في زوجية الأب وقيامها مقامها والرابة تدعى أما وإن لم تكن خالة وروى هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقال بعضهم : المراد أبوه وجدته أم أمه حكاه الزهراوي وقال الحسن وابن اسحاق : إن أمه عليه السلام كانت بالحياة فلا حاجة إلى التأويل لكن المشهور أنها ماتت في نفاس بنيامين وعن الحسن وابن اسحاق القول بذلك أيضا إلا أنهما قالا : إن الله تعالى أحياها له ليصدق رؤياه والظاهر أنه لم يثبت ولو ثبت مثله لاشتهر وفي مصحف عبدالله آوى اليه أبويه واخوته وقال ادخلوا مصر وكأنه عليه السلام ضرب في الملتقى خارج البلد مضربا فنزل فيه فدخلوا عليه فيه فآواهما اليه ثم طلب منهم الدخول في البلدة فهناك دخولان : أحدهما دخول عليه خارج البلدة والثاني دخول في البلدة وقيل : إنهم إنما دخلوا عليه عليه السلام في مصر وأراد بقوله : ادخلوا مصر تمكنوا منها واستقروا فيها إن شاء الله ءامنين .
99 .
- أي من القحط وسائر المكاره والاستثناء مافي التيسير داخل في الأمن لافي الأمر بالدخول لأنه إنما يدخل في الوعد لافي الامر وفي الكشاف أن المشيئة تعلقت بالدخول المكيف بالأمن لأن القصد إلى اتصافهم بالأمن في دخولهم فكأنه قيل : أسلموا وآمنوا في دخولكم إن شاء الله والتقدير ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله دخلتم آمنين فحذف الجزاء لدلالة الكلام ثم اعترض بالجملة الجزائية بين الحال وذي الحال اه وكأنه أشار بقوله : فكأنه قيل الخ إلى أن في التركيب معنى الدعاء وإلى ذلك ذهب العلامة الطيبي وقال في الكشف : ان فيه اشارة إلى أن الكيفية مقصودة بالامر كما إذا قلت : ادخل ساجدا كنت آمرا بهما وليس فيه اشارة إلى أن