أبي فوضع على قفاه السكين ليقتل ففداه الله تعالى وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب الاولاد إلى فذهب به اخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخا بالدم وقالوا : قد أكله الذئب فذهبت عيناي من بكائي عليه ثم كان لي ابن كان اخاه من أمه وكنت أتسلى به فذهبوا به ثم رجعوا وقالوا : إنه سرق وانك حبسته لذلك وإنا أهل بيت لانسرق ولا نلد سارقا فان رددته على والا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك والسلام .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق نحوه فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب لم يتمالك وعيل صبره فقال لهم ذلك وروى أنه لما قرأ الكتاب بكى وكتب الجواب اصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا هذا وما أشرنا اليه من كون المراد إثبات الجهل لهم حقيقة هو الظاهر وقيل : لم يرد نفي العلم عنهم لأنهم كانوا علماء ولكنهم لما لم يفعلوا ما يقتضيه العلم وترك مقتضى العلم من صنيع الجهال سماهم جاهلين وقيل : المراد جاهلون بما يؤل اليه الامر وعن ابن عباس والحسن جاهلون صبيان قبل أن تبلغوا أو أن الحلم والرزانة وتعقب بأنه ليس بالوجه لأنه لايطابق الوجود وينافي ونحن عصبة فالظاهر عدم صحة الاسناد وزعم في التحرير أن قول الجمهور : إن الاستفهام للتقرير والتوبيخ ومراده عليه السلام تعظيم الواقعة أي ما أعظم ما ارتكبتم في يوسف وأخيه كما يقال : هل تدري من عصيت وقيل : هل بمعنى قد كما في هل أتى على الانسان حين من الدهر والمقصود هو التوبيخ أيضا وكلا القولين لايعول عليه والصحيح ما تقدم ومن الغريب الذي لايصح البتة ما حكاه الثعلبي أنه عليه السلام حين قالوا له ماقالوا غضب عليهم فأمر بقتلهم فبكوا وجزعوا فرق لهم وقال : هل علمتم الخ قالوا ائنك لانت يوسف استفهام تقرير ولذلك أكد بإن واللام لأن التأكيد يقتضي التحقق المنافي للاستفهام الحقيقي ولعلهم قالوه استغرابا وتعجبا وقرأ ابن كثير وقتادة وابن محيصن إنك بغير همزة استفهام قال في البحر : والظاهر أنها مراده ويبعد حمله على الخبر المحض وقد قاله بعضهم لتعارض الاستفهام والخبر ان اتحد القائلون وهو الظاهر فان قدر أن بعضا استفهم وبعضا أخبر ونسب كل الى المجموع أمكن وهو مع ذلك بعيد و أنت في القراءتين مبتدأ و يوسف خبره والجملة في موضع الرفع خبر إن ولا يجوز أن يكون أنت تأكيدا للضمير الذي هو اسم إن لحيلولة اللام وقرأ أبي أئنك أو أنت يوسف وخرج ذلك ابن جني في كتاب المحتسب على حذف خبر إن وقدره أئنك لغير يوسف أو أنت يوسف وكذا الزمخشري إلا أنه قدره أئنك يوسف أو أنت يوسف ثم قال : وهذا كلام متعجب مستغرب لما يسمع فهو يكرر الاستيثاق قال في الكشف : وما قدره أولى لقلة الاضمار وقوة الدلالة على المحذوف وإن كان الأول أجرى على قانون الاستفهام ولعل الأنسب أن يقدر أئنك أنت أو أنت يوسف تجهيلا لنفسه أن يكون مخاطبة يوسف أي أئنك المعروف عزيز مصر أو أنت يوسف استبعدوا أن يكون العزيز يوسف أو يوسف عزيزا وفيه قلة الاضمار أيضا مع تغاير المعطوف والمعطوف عليه وقوة الدلالة على المحذوف والجري على قانون الاستفهام مع زيادة الفائدة من إيهام البعد بين الحالتين .
فان قيل : ذاك أوفق للمشهور لقوة الدلالة على أنه هو يجاب بأنه يكفي في الدلالة على الاوجه كلها أن الاستفهام غير جار على الحقيقة على أن عدم التنافي بين كونه مخاطبهم المعروف وكونه يوسف شديد الدلالة أيضا مع زيادة افادة ذكر موجب استبعادهم وهوكلام يلوح عليه مخايل التحقيق واختلفوا في