أخذ الصدقة مطلقا بل المحرم إنما هو أخذ الصدقة المفروضة وما هنا ليس منها والظاهر كما قال الزمخشري : أنهم تمسكنوا له عليه السلام بقولهم : مسنا الخ وطلبوا اليه أن يتصدق عليهم بقولهم : تصدق علينا فلو لم يحمل على الظاهر لما طابقه ذلك التمهيد ولا هذا التوطيد أعني إن الله يجزي المتصدقين .
88 .
- بذكر الله تعالى وجزائه الامان على ذلك وإن فاعله منه تعالى بمكان .
قال النقاش : وفي العدول عن إن الله تعالى يجزيك بصدقتك الى ما في النظم الكريم مندوحة عن الكذب فهو من المعاريض فانهم كانوا يعتقدونه ملكا كافرا وروى مثله عن الضحاك ووجه عدم بدءهم بما أمروا به على القول بخلاف الظاهر في متعلق التصدق بأن فيما سلكوه استجلابا للشفقة والرحمة فكأنهم أرادوا أن يملأوا حياض قلبه من نميرها ليسقوا به أشجار تحسسهم لتثمر لهم غرض أبيهم ووجهه بعضهم بمثل هذا ثم قال : على أن قولهم وتصدق الخ كلام ذو وجهين فانه يحتمل الحمل على المحملين فلعله عليه السلام حمله على طلب الرد ولذلك قال مجيبا عما عرضوا به وضمنوه كلامهم من ذلك هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه وكان الظاهر على هذا الاقتصار على التعرض بما فعل مع الأخ الا أنه عليه السلام تعرض لما فعل به أيضا لاشتراكهما في وقوع الفعل عليهما فان المراد بذلك افرادهم له عنه وإذلاله بذلك حتى كان لايستطيع أن يكلمهم الا بعجز وذلة والاستفهام ليس عن العلم بنفس ما فعلوه لأن الفعل الارادي مسبوق بالشعور لا محالة بل هو عما فيه من القبح بدليل قوله : إذ أنتم جاهلون .
98 .
- أي هل علمتم قبح 1 ما فعلتموه زمان جهلكم قبحه وزال ذلك الجهل أم لا وفيه من ابداء عذرهم وتلقينهم اياه ما فيه كما في قوله تعالى : ما غرك بربك الكريم والظاهر لهذا أن ذلك لم يكن تشفيا بل حث على الاقلاع ونصح لهم لما رأى من عجزهم وتمسكنهم ما رأى مع خفي معاتبة على وجود الجهل وأنه حقيق الانتفاء في مثلهم فلله تعالى هذا الخلق الكريم كيف ترك حظه من التشفي الى حق الله تعالى على وجه يتضمن حق الأخوتين أيضا والتلطف في اسماعه مع التنبيه على أن هذا الضر أولى بالكشف قيل : ويجوز أن يكون هذا الكلام منه عليه السلام منقطعا عن كلامهم وتنبيها لهم عما حقهم ووظيفتهم من الاعراض عن جميع المطالب والتمخض لطلب بنيامين بل يجوز أن يقف عليه السلام بطريق الوحي أو الالهام على وصية أبيه عليه السلام وارساله اياهم للتحسس منه ومن أخيه فلما رآهم قد اشتغلوا عن ذلك قال ما قال والظاهر أنه عليه السلام لما رأى ما رأى منهم وهو من أرق خلق الله تعالى قلبا وكان قد بلغ الكتاب أجله شرع في كشف أمره فقال ما قال .
روى عن ابن إسحق أنهم لما استعطفوه رق لهم ورحمهم حتى أنه أرفض دمعه باكيا ولم يملك نفسه فشرع في التعرف لهم وأراد بما فعلوه به جميع ما جرى وبما فعلوه بأخيه أذاهم له وجفاءهم إياه وسوء معاملتهم له وإفرادهم كما سمعت ولم يذكر لهم ما آذوا به أباهم على ماقيل تعظيما لقدره وتفخيما لشأنه أن يذكره مع نفسه وأخيه مع أن ذلك من فروع ما ذكر وقيل : إنهم أدوا اليه كتابا من أبيهم وصورته كما في الكشاف من يعقوب اسرائيل الله بن إسحق ذبيح الله بن ابراهيم خليل الله إلى عزيز مصر أما بعد فانا أهل بيت موكل بنا البلاء أما جدي فشدت يداه ورجلاه ورمى به في النار ليحرق فنجاه الله تعالى وجعلت النار عليه بردا وسلاما وأما