المذهب كان على عرف صدر الإسلام قبل أن تتغير اللغة وأما الآن فلا يأتون باللام والنون في مثبت القسم أصلا ويفرقون بين الاثبات والنفي بوجود لا ولا وجودها وما اصطلاحهم على هذا إلا كاصطلاح الفرس ونحوهم في أيمانهم وغيرها اه ويؤيد هذا ماذكره العلامة قاسم وغيره من أنه يحمل كلام كل عاقد وحالف وواقف على عرفة وعادته سواء وافق كلام العرب أم لا ومثله في الفتح وقد فرق النحاة بين بلى ونعم في الجواب أن بلى لايجاب مابعد النفي ونعم للتصديق فاذا قيل : ماقام زيد فان قلت : بلى كان المعنى قد قام وإن نعم كان ما قام ونقل في شرح المنار عن التحقيق أن المعتبر في أحكام الشرع العرف حتى يقام كل واحد منهما مقام الآخر ومثله في التلويح وقول المحيط والحلف بالعربية أن يقول في الاثبات والله لأفعلن إلى آخر ماقال بيان للحكم على قواعد العربية وعرف العرب وعادتهم الخالية عن اللحن وكلام الناس اليوم إلا ماندر خارج عن هاتيك القواعد فهو لغة اصطلاحية لهم كسائر اللغات الأعجمية التي تصرف فيها أهلها بما تصرفوا فلا يعاملون بغير لغاتهم وقصدهم إلا من التزم منهم الإعراب أو قصد المعنى فينبغي أن يدين ومن هنا قال السائحاني : إن أيماننا الآن لاتتوقف على تأكيد فقد وضعناها نحن وضعا جديدا واصطلحنا عليها اصطلاحا حادثا وتعارفناها تعارفا مشهورا فيجب معاملتنا على هذا ما قالوه : من أنه لو اسقطت الفاء الرابطة لجواب الشرط فهو تنجيز لاتعليق حتى لو قال : إن دخلت الدار أنت طالق تطلق في الحال وهو مبني على قواعد العربية أيضا وهو خلاف المتعارف الآن فينبغي بناؤه على العرف فيكون تعليقا وهو المروى عن أبي يوسف .
وفي البحر أن الخلاف مبني على جواز حذفها اختيارا وعدمه فأجازه أهل الكوفة وعليه فرع أبو يوسف ومنعه أهل البصرة وعليه تفرع المذهب وفي شرح نظم الكنز للمقدسي أنه ينبغي ترجيح قول أبي يوسف لكثرة حذف الفاء في الفصيح ولقولهم : العوام لايعتبر منهم اللحن في قولهم : أنت واحدة بالنصب الذي لم يقل به أحد اه هذا ثم أن ما ذكر انما هو في القسم بخلاف التعليق وهو وان سمي عند الفقهاء حلفا ويمينا لكنه لايسمى قسما فان القسم خاص باليمين بالله تعالى كما صرح به القهستاني فلا يجرى فيه اشتراط اللام والنون في المثبت منه لا عند الفقهاء ولا عند اللغويين ومنه الحرام يلزمني وعلى الطلاق لا أفعل كذا فانه يراد به في العرف ان فعلت كذا فهي طالق فيجب امضاؤه عليهم كما صرح به في الفتح وغيره قال الحلبي : وبهذا يندفع ما توهمه بعض الافاضل من أن في قول القائل : على الطلاق أجيء اليوم أن جاء في اليوم وقع الطلاق والا فلا لعدم اللام والنون وأنت خبير بأن النحاة انما اشترطوا ذلك في جواب القسم المثبت لا في جواب الشرط وكيف يسوغ لعاقل فضلا عن فاضل أن يقول ان إن قام زيد أقم على معنى أن زيد لم أقم على أن أجيء ليس جواب الشرط بل هو فعل الشرط لأن المعنى ان لم أجيء اليوم فانت طالق وقد وقع هذا الوهم لكثير من المفتين كالخير الرملي وغيره وقال السيد أحمد الحموي في تذكرته الكبرى : رفع إلي سؤال صورته رجل اغتاظ من ولد زوجته فقال : على الطلاق بالثلاث اني أصبح اشتكيك من النقيب فلما أصبح تركه ولم يشتكه ومكث مدة فهل والحالة هذه يقع عليه الطلاق أم لا الجواب 1 اذا ترك شكايته ومضت مدة بعد حلفه لايقع عليه الطلاق لأن الفعل المذكور وقع في جواب اليمين وهو مثبت فيقدر النفي حيث لم يؤكد