عادتك الاحسان مطلقا فاجر على عادتك ولا تغيرها معنا فنحن أحق الناس بذلك فالاحسان على الأول خاص وعلى الثاني عام والجملة على الوجهين اعتراض تذييلي على ماذهب اليه بعض المدققين وذهب بعض آخر إلى أنه إذا أريد بالاحسان اليهم تكون مستأنفة لبيان ماقبل إذ أخذ البدل احسان اليهم وإذا أريد أن عموم ذلك من دأبك وعادتك تكون مؤكدة لما قبل وذكر أمر عام على سبيل التذييل أنسب بذلك .
قال معاذ الله أي نعوذ بالله تعالى معاذا من أن نأخذ فحذف الفعل وأقيم المصدر مقامه مضافا إلى المفعول به وحذف حرف الجر كما في أمثاله إلا من وجدنا متاعنا عنده لأن أخذنا له إنما هو بقضية فتواكم فليس لنا الاخلال بموجبها إنا إذا أي إذا أخذنا غير من وجدنا متاعنا عنده ولو برضاه لظلمون .
97 .
- في مذهبكم وشرعكم ومالنا ذلك وإيثار صيغة المتكلم مع الغير مع كون الخطاب من جهة اخوته على التوحيد من باب السلوك إلى سنن الملوك وللأشعار بأن الأخذ والاعطاء ليس مما يستبد به بل هو منوط بآراء أهل الحل والعقد وإيثار من وجدنا متاعنا عنده على من سرق متاعنا الاخصر لأنه أوفق بما وقع في الاستفتاء والفتوى أو لتحقيق الحق والاحتراز عن الكذب في الكلام مع تمام المرام فانهم لايحملون وجدان الصواع عنده على محمل غير السرقة والمتاع اسم لما ينتفع به وأريد به الصواع وما ألطف استعماله مع الأخذ المراد به الاسترقاق والاستخدام وكأنه لهذا أوثر على الصواع والظاهر أن الأخذ في كلامهم محمول على هذا المعنى أيضا حقيقة .
وجوز ابن عطية أن يكون ذلك مجازا لأنهم يعلمون أنه لايجوز استرقاق حر غير سارق بدل من قد أحكمت السنة رقه فقولهم ذلك كما تقول لمن تكره فعله : اقتلني ولا تفعل كذا وأنت لاتريد أن يقتلك ولكنك تبالغ في استنزاله ثم قال : وعلى هذا يتجه قول يوسف عليه السلام : معاذ الله لأنه تعوذ من غير جائز ويحتمل أن لايريدوا هذا المعنى وبعيد عليهم وهم أنبياء أن يريدوا استرقاق حر فلم يبق إلا أن يريدوا بذلك الحمالة أي خذ أحدنا وأبقه عندك حتى ينصرف اليك صاحبك ومقصدهم بذلك أن يصل بنيامين إلى أبيه فيعرفه جلية الحال اه وهو كلام لايعول عليه اصلا كما لايخفى ولجواب يوسف عليه السلام معنى باطن هو أن الله D إنما أمرني بالوحي أن آخذ بنيامين لمصالح علمها سبحانه في ذلك فلو أخذت غيره كنت ظالما لنفسي وعاملا بخلاف الوحي فلما استيئسوا منه أي يئسوا من يوسف عليه السلام واجابته لهم وإلى مرادهم فاستفعل بمعنى فعل نحو سخر واستسخر وعجب واستعجب على مافي البحر وقال غير واحد : إن السين والتاء زائدتان للمبالغة أي يئسوا يأسا كاملا لأن المطلوب المرغوب مبالغ في تحصيله ولعل حصول هذه المرتبة من اليأس لهم لما شاهدوه من عوذه بالله تعالى مما طلبوه الدال على كون ذلك عنده في أقصى مراتب الكراهة وأنه مما يجب أن يحترز عنه ويعاذ بالله تعالى منه ومن تسميته ذلك ظلما بقوله : إنا اذا لظالمون .
وفي بعض الآثار أنهم لما رأوا خروج الصواع من رحله وكانوا قد أفتوا بما أفتوا تذكروا عهدهم مع أبيهم استشاط من بينهم روبيل 1 غضبا وكان لايقوم لغضبه شيء ووقف شعره حتى خرج من ثيابه فقال : أيها الملك لتتركن أخانا أو لأصيحن صيحة لايبقين بها في مصر حامل إلا وضعت فقال يوسف عليه السلام لولد له صغير : قم إلى هذا فمسه أوخذ بيده وكان إذا مسه من ولد يعقوب عليه السلام يسكن غضبه فلما