ولم يبدها أي يظهرها لهم لا قولا ولا فعلا صفحا لهم وحلما وهو تأكيد لما سبق قال أي في نفسه وهو استئناف مبنى على سؤال نشأ من الأخبار بالاسرار المذكور كأنه قيل : فماذا قال في نفسه في تضاعيف ذلك فقيل : قال أنتم شر مكانا أي منزلة في السرق وحاصله أنكم أثبت في الاتصاف بهذا الوصف وأقوى فيه حيث سرقتم أخاكم من أبيكم ثم طفقتم تفترون على البريء وقال الزجاج : إن الاضمار هنا على شريطة التفسير لأن قال أنتم الخ بدل من الضمير والمعنى فأسر يوسف في نفسه قوله : أنتم شر مكانا والتأنيث باعتبار أنه جملة أو كلمة وتعقب ذلك أبو علي بأن الاضمار على شريطة التفسير على ضربين أحدهما أن يفسر بمفرد نحو نعم رجلا وربه رجلا وثانيهما أن يفسر بجملة كقوله تعالى : قل هو الله أحد وأصل هذا أن يقع في الابتداء ثم يدخل عليه النواسخ نحو انه من يأت ربه مجرما فانها لاتعمى الابصار وليس منها شفاء النفس مبذول وغير ذلك وتفسير المضمر في كلا الموضعين متصل بالجملة التي قبلها المتضمنة لذلك المضمر ومتعلق بها ولا يكون منقطعا عنها والذي ذكره الزجاج منقطع فلا يكون من الإضمار على شريطة التفسير وفي أنوار التنزيل أن المفسر بالجملة لا يكون الا ضمير الشأن واعترض عليه بالمنع وفي الكشف أن هذا ليس من التفسير بالجمل في شيء حتى يعترض بأنه من خواص ضمير الشأن الواجب التصدير وانما هو نظير ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يابني الخ .
وتعقب بأن في تلك الآية تفسير جملة بجملة وهذه فيها تفسير ضمير بجملة وفي الكشاف جعل أنتم شر مكانا هو المفسر وفيه خفاء لأن ذلك مقول القول واستدل بعضهم بالآية على اثبات الكلام النفسي بجعل قال الخ بدلا من أسر ولعل الأمر لايتوقف على ذلك لما أشرنا اليه من أن المراد قال في نفسه نعم قال أبو حيان : إن الظاهر أنه عليه السلام خاطبهم وواجههم به بعد أن أسر كراهية مقالتهم في نفسه وغرضه توبيخهم وتكذيبهم ويقويه أنهم تركوا أن يشفعوا بأنفسهم وعدلوا الى الشفاعة له بأبيه وفيه نظر وقرأ عبدالله وابن أبي عبلة فأسره بتذكير الضمير والله أعلم بما تصفون .
773 - أي عالم علما بالغا الى اقصى المراتب بأن الامر ليس كما تصفون من صدور السرقة منا فصيغة أفعل لمجرد المبالغة لا لتفضيل علمه تعالى على علمهم كيف لا وليس لهم بذلك من علم قاله غير واحد وقال أبو حيان : ان المعنى أعلم بما تصفون به منكم لأنه سبحانه عالم بحقائق الامور وكيف كانت سرقة أخيه الذي أحلتم سرقته عليه فأفعل حينئذ على ظاهره واعترض بأنه لم يكن فيهم علم والتفضيل يقتضي الشركة وأجيب بأنه تكفي الشركة بحسب زعمهم فانهم كانوا يدعون العلم لأنفسهم ألا ترى قولهم : فقد سرق أخ له من قبل جزما .
قالوا عندما شاهدوا مخايل أخذ بنيامين مستعطفين يأيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا طاعنا في السن لا يكاد يستطيع فراقه وهو علالة به يتعلل عن شقيقه الهالك وقيل : أرادوا مسنا كبيرا في القدر والوصف على القولين محط الفائدة والا فالإخبار بأن له أبا معلوم مما سبق فخذ أحدنا مكانه بدله فلسنا عنده بمنزلته من المحبة والشفقة إنا نراك من المحسنين .
87 .
- الينا فأتم احسانك فما الانعام الا بالاتمام أو من