وسبب من الأسباب إلا لعلة مشيئته تعالى وأياما كان فهو متصل لأن أخذ السارق إذا كان ممن يرى ذلك ويعتقده دينا لاسيما عند رضاه وافتائه به ليس مخالفا لدين المالك فلذلك لم ينازعه الملك وأصحابه في مخالفة دينهم بل لم يعدوه مخالفة .
وقيل : إن جملة ما كان الخ في موضع البيان والتفسير للكيد وأن معنى الاستثناء إلا أن يشاء الله تعالى أن يجعل ذلك الحكم حكم الملك وفيه بحث وجوز أن يكون الاستثناء منقطعا أي لكن أخذه بمشيئة الله سبحانه وإذنه في دين غير دين الملك نرفع درجات أي رتبا كثيرة عالية من العلم وانتصابها على مانقل عن أبي البقاء على الظرفية أو على نزع الخافض أي إلى درجات وجوز غير واحد النصب على المصدرية وأياما كان فالمفعول به قوله تعالى : من نشاء أي نشاء رفعه حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة كما رفعنا يوسف عليه السلام وإيثار صيغة الاستقبال للاشعار بأن ذلك سنة مستمرة غير مختصة بهذه المادة والجملة مستأنفة لامحل لها من الاعراب وفوق كل ذي علم من أولئك المرفوعين عليم .
67 .
- لاينالون شأوه .
قال المولى المحقق شيخ الاسلام قدس سره في بيان ربط الآية بما قبل : إنه إن جعل الكيد عبارة عن إرشاد الاخوة إلى الافتاء وحملهم عليه أو عبارة عن ذلك مع مباديه المؤدية اليه فالمراد برفع يوسف عليه السلام مااعتبر فيه بالشرطية أو الشطرية من إرشاده عليه السلام إلى ما يتم من قبله من المبادي المفضية إلى استبقاء أخيه والمعنى أرشدنا إخوته إلى الافتاء لأنه لم يكن متمكنا من غرضه بدونه أو أرشدنا كلا منهم ومن يوسف وأصحابه إلى ما صدر عنهم ولم نكتف بما تم من قبل يوسف لأنه لم يكن متمكنا من غرضه بمجرد ذلك .
وحينئذ يكون قوله تعالى : نرفع إلى عليم توضيحا لذلك على معنى أن الرفع المذكور لايوجب تمام مرامه إذ ليس ذلك بحيث لايغيب عن علمه شيء بل إنما نرفع كل من نرفع حسب استعداد وفوق كل واحد منهم عليم لايقادر قدره يرفع كلا منهم إلى مايليق به من معارج العلم وقد رفع يوسف إلى ذلك وعلم أن : ما حواه دائرة علمه لايفي بمرامه فأرشد إخوته إلى الافتاء المذكور فكان ما كان وكأنه عليه السلام لم يكن على يقين من صدور ذلك منهم وإن كان على طمع منه فان ذلك إلى الله تعالى شأنه وجودا وعدما والتعرض لوصف العلم لتعيين جهة الفوقية وفي صيغة المبالغة مع التنكير والالتفات إلى الغيبة من الدلالة على فخامة شأنه عن شأنه وجلالة مقدار علمه المحيط جل جلاله ما لايخفى وإن جعل عبارة عن التعليم المستتبع للافتاء فالرفع عبارة عن ذلك التعليم والافتاء وإن كان لم يكن داخلا تحت قدرته عليه السلام لكنه كان داخلا تحت علمه بواسطة الوحي والتعليم والمعنى مثل ذلك التعليم البالغ إلى هذا الحد علمناه ولم نقتصر على تعليم ما عدا الافتاء الذي سيصدر عن إخوته إذ لم يكن متمكنا من غرضه في أخيه إلا بذلك وحينئذ يكون قوله تعالى : نرفع درجات من نشاء توضيحا لقوله سبحانه : كدنا وبينا لأن ذلك من باب الرفع إلى الدرجات العالية من العلم ومدحا ليوسف عليه السلام برفعه إليها وفوق الخ تذليلا له أي نرفع درجات عالية من نشاء رفعه وفوق كل منهم عليم هو أعلى درجة قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : فوق كل عالم عالم إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى والمعنى أن إخوة يوسف كانوا علماء إلا أن يوسف أفضل منهم اه والذي اختاره الزمخشري على ماقيل حديث التذييل إلا أنه أوجز في كلامه حتى خفى مغزاه وعد ذلك من المداحض حيث قال : وفوق كل ذي علم عليم فوقه أرفع درجة منه في علمه أو فوق العلماء كلهم عليم