من رحل وغيره .
وقولهم : مقابلة الجمع بالجمع تقتضي انقسام الآحاد على الآحاد كما قال المدقق أبو القاسم السمرقندي لايقتضي أن يلزم في كل مقابلة مقارنة الواحد للواحد لأن انقسام الآحاد على الآحاد كما يجوز أن يكون على السواء كما في ركب القوم دوابهم يجوز أن يكون على التفاوت كما في باع القوم دوابهم فانه يفهم معه أن كلا منهم باع ماله من دابة وقد مر التنبيه على هذا فيما سبق وحينئذ يحتمل أن يراد من وعاء أخيه الواحد والمتعدد .
وقرأ الحسن وعاء بضم الواو وجاء كذلك عن نافع وقرأ ابن جبير إعاء بابدال الواو المكسورة همزة كما قالوا في وشاح اشاح وفي وسادة اسادة وقلب الواو المكسورة في أول الكلمة همزة مطرد في لغة هذيل كذلك أي مثل ذلك الكيد العجيب وهو إرشاد الأخوة إلى الافتاء المذكور بأجرائه على ألسنتهم وحملهم عليه بواسطة المستفتين من حيث لم يحتسبوا كدنا ليوسف أي صنعنا ودبرنا لأجل تحصيل غرضه من المقدمات التي رتبها من دس السقاية وما يتلوه فالكيد مجاز لغوي في ذلك والا فحقيقته وهي أن توهم غيرك خلاف ماتخفيه وتريده على ماقالوا محال عليه تعالى وقيل : إن ذلك محمول على التمثيل وقيل : إن في الكيد اسنادين بالفحوى إلى يوسف عليه السلام وبالتصريح اليه سبحانه والاول حقيقي والثاني مجازي والمعنى فعلنا كيد يوسف وليس بذاك وفي درر المرتضى ان كدنا بمعنى أردنا وأنشد .
كادت وكدت وتلك خير ارادة .
لو عاد من لهو الصبابة ما مضى واللام للنفع لا كاللام في قوله تعالى : فيكيدوا لك كيدا فانها للضرر على ماهو الاستعمال الشائع .
ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك أي في سلطانه على ما روى عن ابن عباس أو في حكمه وقضائه كما روى عن قتادة والكلام استئناف وتعليل لذلك الكيد كأنه قيل : لماذا فعل ذلك فقيل : لأنه لم يكن ليأخذ أخاه جزاء وجود الصواع عنده في دين الملك في أمر السارق إلا بذلك الكيد لأن جزاء السارق في دينه على ما روى عن الكلبي وغيره أن يضاعف عليه العزم وفي رواية ويضرب دون أن يؤخذ ويسترق كما هو شريعة يعقوب عليه السلام فلم يكن يتمكن بما صنعه من أخذ أخيه بما نسب اليه من السرقة بحال من الاحوال .
إلا أن يشاء الله أي الا حال مشيئته تعالى التي هي عبارة عن ذلك الكيد أو إلا حال مشيئته تعالى للأخذ بذلك الوجه وجوز أن يكون المراد من ذلك الكيد الارشاد المذكور ومباديه المؤدية اليه جميعا من ارشاد يوسف عليه السلام وقومه إلى ماصدر عنهم من الأفعال والأقوال حسبما شرح مرتبا وأمر التعليل كما هو بيد أن المعنى على هذا الاحتمال مثل ذلك الكيد البالغ الى هذا الحد كدنا ليوسف عليه السلام ولم نكتف ببعض من ذلك لأنه لم يكن يأخذ أخاه في دين الملك به إلا حال مشيئتنا له بايجاد ما يجري فجرى الجزاء الصوري من العلة التامة وهو إرشاد اخوته الى الافتاء المذكور فالقصر المستفاد من تقديم المجرور مأخوذ بالنسبة الى البعض وكذا يقال في تفسير من فسر كدنا ليوسف بقوله علمناه إياه وأوحينا اليه أي مثل ذلك التعليم المستتبع لما شرح علمناه دون بعض من ذلك فقط الخ والاستثناء على كل حال من أعم الاحوال وجوز أن يكون من أعم العلل والأسباب أي لم يكن ليأخذ أخاه في دين الملك لعلة من العلل