أخينا معنا والجمل كلها للبيان أيضا إلا أن ثم محذوفا ينساق اليه الكلام أي بضاعتنا حاضرة نستظهر بها ونمير أهلنا ونصنع كيت وذيت وهو على ماقيل : وجه واضح حسن يلائم ما كانوا فيه مع أبيهم فتأمل هذا وقرأت عائشة وأبو عبدالرحمن السلمي ونمير بضم النون وقد جاء مار عياله وأمارهم بمعنى كما في القاموس .
قال لن أرسله معكم بعد أن عاينت منكم ما أجرى المدامع حتى تؤتون موثقا من الله أي حتى تعطوني ماأتوثق به من جهته فالموثق مصدر ميمي بمعنى المفعول وأراد عليه السلام أن يحلفوا له بالله تعالى وإنما جعل الحلف به سبحانه موثقا منه لأنه مما تؤكد العهود به وتشدد وقد أذن الله تعالى بذلك فهو إذن منه تعالى شأنه لتأتنني به جواب قسم مضمر إذ المعنى حتى تحلفوا بالله وتقولوا والله لنأتينك به .
وفي مجمع البيان نقلا عن ابن عباس أنه عليه السلام طلب منهم أن يحلفوا بمحمد صلى الله تعالى عليه وسلم خاتم النبيين وسيد المرسلين والظاهر عدم صحة الخبر وذكر العمادى أنه عليه السلام قال لهم : قولوا بالله رب محمد صلى الله تعالى عليه وسلم لنأتينك به إلا أن يحاط بكم أي الا أن تغلبوا فلا تطيقوا ذلك أو الا أن تهلكوا جميعا وكلاهما مروى عن مجاهد وأصله من احاطة العدو واستعماله في الهلاك لأن من أحاط به العدو فقد هلك غالبا والاستثناء قيل مفرغ من أعم الأحوال والتقدير لتأتنني به على كل حال إلا حال الإحاطة بكم ورد بأن المصدر من أن والفعل لايقع موقع الحال كالمصدر الصريح فيجوز جئتك ركضا أي راكضا دون جئتك أن تركض وإن كان في تأويله لما أن الحال عندهم نكرة و أن مع ما في حيزها معرفة في رتبة الضمير وأجيب بأنه ليس المراد بالحال الحال المصطلح عليها بل الحال اللغوية ويؤل ذلك الى نصب المصدر المؤول على الظرفية وفيه نظر وفي البحر أنه لو قدر كون أن والفعل في موقع المصدر الواقع ظرف زمان أي لتأتنني به في كل وقت إلاإحاطة بكم أي إلا وقت إحاطة بكم لم يجز عند ابن الأنباري لأنه يمنع وقوع المصدر المؤول ظرفا ويشترط المصدر الصريح فيجوز خرجنا صياح الديك دون خرجنا أن يصيح الديك أو ما يصيح الديك وجاز عند ابن جني المجوز لذاك كما في قول أبي ذؤيب الهذلي : وتالله ماإن شهلة 1 أم واحد .
بأوجد مني أن يهان صغيرها وقيل : من أعم العلل على تأويل الكلام بالنفي الذي ينساق اليه أي لتأتنني ولا تمتنعن من الاتيان به الا الاحاطة بكم كقولهم : أقسمت عليك الا فعلت أي ما أطلب الا فعلك والظاهر اعتبار التأويل على الوجه الأول أيضا فان الاستثناء فيه مفرغ كما علمت وهو لايكون في الاثبات إلا إذا كان صح وظهر ارادة العموم فيه نحو قرأت الا يوم الجمعة لإمكان القراءة في كل يوم غير الجمعة وهنا غير صحيح لأنه لايمكن لاخوة يوسف عليه السلام أن يأتوا بأخيهم في كل وقت وعلى كل حال سوى وقت الاحاطة بهم لظهور أنهم لايأتون به له وهو في الطريق أو في مصر اللهم إلا أن يقال : إنه من ذلك القبيل وأن العموم والاستغراق فيه عرفي أي في كل حال يتصور الاتيان فيها وتعقب المولى أبو السعود تجويز الأول بلا تأويل بقوله : وأنت تدري أنه حيث لم يكن الاتيان من الافعال الممتدة الشاملة للأحوال على سبيل المعية كما في قولك : لألزمنك إلا أن تقضيني حقي ولم يكن مراده عليه السلام مقارنته على سبيل البدل لما عدا الحال المستثناة كما إذا قلت : صل إلا أن تكون محدثا