عند التجهيز ولا الحث عليه بايفاء الكيل ولا الاحسان في الانزال ولا الاقتصار على منع الكيل من غير ذكر الرسالة على أن استبقاء شمعون لو وقع لكان ذلك طامة ينسى عندها كل قيل وقال بعضهم : إنه يضعف الخبر اشتماله على بهت اخوته يجعلهم جواسيس إلا أن يقال : إن ذلك كان عن وحي .
وقال ابن المنير : إن ذلك غير صحيح لأنه اذا ظنهم جواسيس كيف يطلب منهم واحدا من إخوتهم وما في النظم الكريم يخالفه وأطال في ذلك وتعقب بأنه ليس بشيء لأنهم لما قالوا له : إنهم أولاد يعقوب عليه السلام طلب أخاهم وبه يتضح الحال وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس أنهم لما دخلوا عليه عليه السلام فعرفهم وهم له منكرون جاء بصواع الملك الذي كان يشرب فيه فوضعه على يده فجعل ينقره ويطن وينقره ويطن فقال : إن هذا الجام ليخبرني خبرا هل كان لكم أخ من أبيكم يقال له يوسف وكان أبوه يحبه دونكم وانكم انطلقتم به فالقيتموه في الجب وأخبرتم أباكم أن الذئب أكله وجئتم على قميصه بدم كذب قال : فجعل بعضهم ينظر الى بعض ويعجبون أن الجام يخبر بذلك وفيه مخالفة للخبر السابق وفي الباب أخبار أخر وكلها مضطربة فليقصر على ما حكاه الله تعالى مما قالوا ليوسف عليه السلام وقال : ألا ترون أني أوف الكيل أتمه لكم وايثار صيغة الاستقبال مع كون هذا الكلام بعد التجهيز للدلالة على أن ذلك عادة مستمرة وأنا خير المنزلين .
95 .
- جملة حالية أي ألا ترون أني أوف الكيل لكم ايفاء مستمرا والحال اني في غاية الاحسان في انزالكم وضيافتكم وكان الامر كذلك ويفهم من كلام بعضهم التعميم في الجملتين بحيث يندرج في ذلك المخاطبون وتخصيص الرؤية بالايفاء لوقوع الخطاب في أثنائه وأما الاحسان في الانزال فقد كان مستمرا فبما سبق ولحق ولذلك أخبر عنه بالجملة الاسمية ولم يقل ذلك عليه السلام بطريق الامتنان بل لحثهم على تحقيق ما أمرهم به والاقتصار في الكيل على ذكر الايفاء لأن معاملته عليه السلام معهم في ذلك كمعاملته مع غيرهم في مراعاة مواجب العدل وأما الضيافة فليس للناس فيها حق فخصهم في ذلك بما يشاء قاله شيخ الاسلام فان لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ايعاد لهم على عدم الاتيان به والمراد لاكيل لكم في المرة الاخرى فضلا عن ايفائه ولا تقربون .
6 .
- أي لا تقربوني بدخول بلادي فضلا عن الاحسان في الانزال والضيافة وهو إما نهي أو نفي معطوف على التقديرين على الجزاء وقيل : وهو على الأول استئناف لئلا يلزم عطف الانشاء على الخبر وأجيب بأن العطف مغتفر فيه لأن النهي يقع جزاء وفيه دليل على أنهم كانوا على نية الامتياز مرة بعد أخرى وأن ذلك كان معلوما ماله عليه السلام والظاهر أن ما فعله معهم كان بوحي والا فالبر يقتضي أن يبادر إلى أبيه ويستدعيه لكن الله سبحانه أراد تكميل أجر يعقوب في محنته وهو الفعال لما يريد في خليفته قالوا سنراود عنه أباه أي سنخادعه ونستميله برفق ونجتهد في ذلك وفي تنبيه على عز المطلب وصعوبة مناله وإنا لفاعلون .
16 .
- أي أنا لقادرون على ذلك لا نتعايا به وانا لفاعلون ذلك لا محالة ولا نفرط فيه ولا نتوانا والجملة على الاول تذييل يؤكد مضمون الجملة الأولى ويحقق حصول الموعود من إطلاق المسبب أعني الفعل على السبب أعني