كما ترى حسناء جملاء ناعمة في ملك ودنيا وكان صاحبي لايأتي النساء وكنت كما جعلك الله تعالى في حسنك وهيئتك فغلبتني نفسي على مارأيت فيزعمون أنه وجدها عذراء فأصابها فولدت له رجلين أفراثيم وميشا .
أخرج الحكيم الترمذي عن وهب قال : أصابت امرأة العزيز حاجة فقيل لها : لو أتيت يوسف بن يعقوب فسألتيه فأستشارت الناس في ذلك فقالوا : لاتفعلي فانا نخافه عليك قالت : كلا إني لاأخاف ممن يخاف الله تعالى فأدخلت عليه فرأته في ملكه فقالت : الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ثم نظرت إلى نفسها فقالت : الحمد لله الذي جعل الملوك عبيدا بمعصيته فقضى لها جميع حوائجها ثم تزوجها بكرا الخبر .
وفي رواية أنها تعرضت له في الطريق فقالت ما قالت فعرفها فتزوجها فوجدها بكرا وكان زوجها عنينا وشاع عند القصاص أنها عادت شابة بكرا إكراما له عليه السلام بعد ما كانت ثيبا غير شابة وهذا مما لاأصل له وخبر تزوجها أيضا مما لايعول عليه عند المحدثين وعلى فرض ثبوت التزويج فظاهر خبر الحكيم أنه إنما كان بعد تعيينه عليه السلام لما عين له من أمر الخزائن قيل : ويعرب عنه قوله تعالى : قال اجعلني على خزائن الأرض أي أرض مصر وفي معناه قول بعضهم أي أرضك التي تحت تصرفك وقيل : أراد بالأرض الجنس وبخزائنها الطعام الذي يخرج منها و على متعلقة على ماقيل بمستول مقدر والمعنى ولني على أمرها من الايراد والصرف إني حفيظ لها ممن لايستحقها عليم .
55 .
- بوجوه التصرف فيها وقيل : بوقت الجوع وقيل : حفيظ للحساب عليم بالألسن وفيه دليل على جواز مدح الانسان نفسه بالحق إذا جهل أمره : وجواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل واجراء أحكام الشريعة وإن كان من يد الجائر أو الكافر وربما يجب عليه الطلب إذا توقف على ولايته إقامة واجب مثلا وكان متعينا لذلك وما في الصحيحين من حديث عبدالرحمن بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ياعبد الرحمن لا تسأل الأمارة فانك إن أوتيتها عن مسألة وكلت اليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وارد في غير ماذكر وعن مجاهد أنه أسلم على يده عليه السلام ولعل إيثاره عليه السلام لتلك الولاية خاصة إنما كان للقيام بما هو أهم أمور السلطنة إذ ذاك من تدبير أمر السنين لكونه من فروع تلك الولاية لا لمجرد عموم الفائدة كما قيل .
وجاء في رواية أن الملك لما كلمه عليه السلام وقص رؤياه له قال : ما ترى أيها الصديق قال : تزرع في سني الخصب زرعا كثيرا فانك لو زرعت فيها على حجر نبت وتبني الخزائن وتجمع فيها الطعام بقصبه وسنبله فانه أبقى له ويكون القصب علفا للدواب فاذا جاءت السنون بعت ذلك فيحصل لك مال عظيم فقال الملك : ومن لي بهذا ومن يجمعه ويبيعه لي ويكفيني العمل فيه فقال : اجعلني على خزائن الأرض الخ والظاهر أنه أجابه لذلك حين سأله وإنما لم يذكر إجابته له عليه السلام إيذانا بأن ذلك أمر لامرد له غنى عن التصريح به لاسيما بعد تقديم ما تندرج تحته أحكام السلطنة جميعها وأخرج الثعلبي عن ابن عباس قال : قال رسول الله A يرحم الله تعالى أخي يوسف لو لم يقل : اجعلني على خزائن الأرض لاستعمله من ساعته ولكنه أخر ذلك سنة ثم أنه كما روى عن ابن عباس وغيره توجه وختمه بخاتمه ورداه بسيفه ووضع له سريرا من ذهب مكللا بالدر والياقوت طوله ثلاثون ذراعا وعرضه عشرة أذرع