أي كل نفس أمارة بالسوء إلا التي رحمها الله تعالى وعصمها عن ذلك كنفسي أومن مفعول أمارة المحذوف أي أمارة صاحبها إلا ماC تعالى وفيه وقوع ما على من يعقل وهو خلاف الظاهر ولينظر الفرق في ذلك بينه وبين انقطاع الاستثناء إن ربي غفور رحيم .
35 .
- عظيم المغفرة فيغفر ما يعتري النفوس بمقتضى طباعها ومبالغ في الرحمة فيعصمها من الجريان على موجب ذلك والاظهار في مقام الاضمار مع التعرض لعنوان الربوبية لتربية مبادئ المغفرة والرحمة ولعل تقديم ما يفيد االأولى على ما يفيد الثانية لأن التخلية مقدمة على التحلية وذهب الجبائي واستظهره أبو حيان إلى أن ذلك ليعلم إلى هنا من كلام امرأة العزيز والمعنى ذلك الاقرار والاعتراف بالحق ليعلم يوسف إني لم أخنه ولم أكذب عليه في حال غيبته وما ابرئ نفسي مع ذلك من الخيانة حيث قلت ماقلت وفعلت به ما فعلت إن كل نفس امارة بالسوء إلا نفسا رحمها الله تعالى بالعصمة كنفس يوسف عليه السلام إن ربي غفور لمن استغفر لذنبه واعترف به رحيم له وتعقب ذلك صاحب الكشف بأنه ليس موجبه إلا ماتوهم من الاتصال الصوري وليس بذاك ومن أين لها أن تقول : وما أبرئ نفسي بعد ما وضح ولا كشية الأبلق أنها أمها يرجع اليها طمها ورمها .
ومن الناس من انتصر له بأن أمر التعليل ظاهر عليه وهو على تقدير جعله من كلامه عليه السلام غير ظاهر لأن علم العزيز بأنه لم يكن منه ما قرف به إنما يستدعي التفتيش مطلقا لاخصوص تقديمه على الخروج حين طلبه الملك والظاهر على ذلك التقدير جعله له وأجيب بأن المراد ليظهر علمه على أتم وجه وهو يستدعي الخصوص ويساعد على إرادة ظهور العلم أن أصل العلم كان حاصلا للعزيز قبل حين شهد شاهد من أهلها وفيه نظر ويمكن أن يقال : إن في التثبت وتقديم التفتيش على الخروج من مراعاة حقوق العزيز ما فيه حيث لم يخرج من جنسه قبل ظهور بطلان ما جعله سببا له مع أن الملك دعاه اليه ويترتب على ذلك علمه بأنه لم يخنه في شيء من الاشياء أصلا عن خيانته في أهله لظهور أنه عليه السلام إذا لم يقدم على ما عسى أن يتوهم أنه نقض لما أبرمه مع قوة الداعي وتوفر الدواعي فهو بعدم الاقدام على غيره أجدر وأحرى فالعلة للتثبت مع ماتلاه من القصة هي قصد حصول العلم بأنه عليه السلام لم يكن منه مايخون به كائنا ما كان مع ماعطف عليه وذلك العلم إنما يترتب على ماذكر لاعلى التفتيش ولو بعد الخروج كما لايخفى أو يقال : إن المراد ليجري على موجب العلم بما ذكر بناء على التزام أنه كان قبل ذلك عالما به لكنه لم يجر على موجب علمه وإلا لما حبسه عليه السلام فيتلافى تقصيره بالاعراض عن تقبيح أمره أو بالثناء عليه ليحظى عند الملك ويعظمه الناس فتينع من دعوته أشجارها وتجري في أودية القلوب أنهارها ولا شك أن هذا مما يترتب على تقديم التفتيش كما فعل وليس ذلك مما لايليق بشأنه عليه السلام بل الأنبياء عليهم السلام كثيرا مايفعلون مثل ذلك في مبادى أمرهم وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلّم يعطي الكافر إذا كان سيد قومه ما يعطيه ترويجا لأمره وإذا حمل قوله عليه السلام لصاحبه الناجي اذكرني عند ربك على مثل هذا كما فعل أبو حيان تناسب طرفا الكلام أشد تناسب وكذا لو حمل ذاك على ما اقتضاه ظاهر الكلام وتظافرت عليه الأخبار .
وقيل هنا : إن ذلك لئلا يقبح العزيز أمره عند الملك تمحلا لإمضاء ما قضاه ويكون ذلك من قبيل السعي في تحقيق المقتضى لخلاصه وهذا من قبيل التشمير لرفع المانع لكنه مما لايليق بجلالة شأنه عليه السلام