بالإختيار مع أنه لم يكن كذلك للإشارة على ما قيل : إلى أنهما لما رأيا يوسف هان عليهما أمر السجن لما وقع في قلوبهما من محبته .
وهوى كل نفس حيث حبيبها .
فقد أخرج غير واحد عن ابن إسحق أنهما لما رأياه قالا له : يا فتى لقد والله أحببناك حين رأيناك فقال لهما عليه السلام : أنشدكما الله تعالى أن لا تحباني فو الله ما أحبني أحد قط إلا دخل على من حبه بلاء لقد أحبتني عمتي فدخل علي من حبها بلاء ثم أحبني أبي فدخل علي من حبه بلاء ثم أحبتني زوجة صاحبي هذا فدخل علي بحبها إياي بلاء فلا تحباني بارك الله تعالى فيكما فأبيا إلا حبه والله حيث كان وقيل : عبر بذلك لما أن ذكر معه يفيد اتصافه عليه السلام بما ينسب إليهما والمناسب في حقه نسبة الدخول لمكان قوله عليه السلام : رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه لا الادخال المفيد لسلب الإختيار ولو عبر بأدخل لأفاد ذلك نسبة الإدخال إليه فلم يكن بد من التعبير بالدخول ترجيحا لجانبه عليه السلام والظاهر أن مع تدل على الصحبة والمقارنة لفاعل الفعل في ابتداء تلبسه بالفعل فتفيد أن دخولهما مصاحبين وأنهم سجنوا الثلاثة في ساعة واحدة وتعقب بأن هذا منتقض بقوله سبحانه : وأسلمت مع سليمان حكاية عن بلقيس إذ ليس إسلامهما مقارنا لابتداء إسلام سليمان عليه السلام وأجيب بأن الحمل على المجاز هنالك للمصارف ولا صارف فيما نحن فيه فيحمل على الحقيقة ويشهد لذلك ما ذكره الزمخشري في قوله سبحانه : فلما بلغ معه السعي من أنه بيان متعلق بمحذوف لتعذر التعلق ببلغ أو السعي معنى أو لفظا .
وقال صاحب الكشف : إنه لا يتعين المحكي عنها المعية الفاعل فجاز أن يراد أسلمت لله ولرسوله مثلا وتقديم مع للإشعار بأنها كانت تظن أنها على دين قبل وأنها كانت مسلمة فيما كانت تعبد من الشمس فدل على أنه إسلام يتعد به من أثر متابعة نبيه لا إسلام كالأول فاسد وهذا معنى صحيح حمل الآية عليه أولى وإن حمل على معية الفاعل لم يكن بد من محذوف نحو مع بلوغ دعوته وإظهار معجزته لأن فرق ما بين المعية ومطلق الجمع معلوم بالضرورة أه .
وفرق بعضهم بين الفعل الممتد كالإسلام وغيره كالدخول بأن الأول لا يقتضي مقارنتهما في ابتدائه بخلاف الثاني وهو على ما قيل : راجع إلى الجمع وليس من المعية في شيء على أنه حينئذ لا يحتاج إلى تأويل في آية ولما بلغ معه السعي واختير أن المقارنة هي الأصل ولا يعدل عنها ما أمكنت فتأمل .
وتأخير الفاعل عن المفعول لما من غير مرة من الإهتمام بالمقدم والتسويق إلى المؤخر ليتمكن عند النفس حين وروده فضل تمكن ولعل تقديم الظرف على السجن لأن الإهتمام بأمر المعية أشد من الإهتمام بأمره لما أنها المنشأ لما كان وقيل : إنما قدم لأن تأخيره يوهم أن يكون خبرا مقدما على المبتدأ وتكون الجملة حالا من فاعل دخل وتعقب بأن حاصل التركيب الأول مصاحبة الفتيين له عند دخولهما وحاصل الثاني مصاحبة الفتيين له عند دخوله ويؤول الأمران إلى دخولهما ودخوله متصاحبين فافهم .
والجملة على ما قيل : معطوفة على محذوف ينساق إليه الذهن كأنه قيل : فلما بدا لهم ذلك سجنوه ودخل معه الخ وقرأ السجن بفتح السين على معنى موضع السجن قال استئناف مبني على سؤال من يقول : ما صنعا بعدما دخلا فأجيب بأنه قال أحدهما وهو الشرابي واسمه بنو إني أراني أي رأيتني في المنام والتعبير بالمضارع لاستحضار الصور الماضية أعصر خمرا أي عنبا وروي أنه قال : رأيت حبلة