القرون وقوله تعالى : وتبين لكم كيف فعلنا بهم أن الفاعل مضمون الجملة أي كثرة إهلاكنا وكيفية فعلنا وظاهر كلام ابن مالك في شرح التسهيل أن الفاعل في ذلك الجملة لتأويلها بالمفرد حيث قال : وجاز الإسناد في هذا الباب بإعتبار التأويل كما جاز في باب المبتدأ نحو سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم وجمهور النحاة لا يجوزون ذلك كما حقق في موضعه .
واختار المازني في الفاعل الوجه الأول قيل : وحسن بدا لهم بداء وإن لم يحسن ظهر لهم ظهور لأن البداء قد أستعمل في غير المصدرية كما علمت واختار أبو حيان الوجه الأخير وكونه ضمير السجن السابق على قراءة من فتح السين والأولى كونه ضمير السجن المفهوم من الجملة أي بدا لهم سجنه المحتوم قائلين : والله ليسجننه وكان ذلك البداء بإستنزال المرأة لزوجها ومطاوعته لها وحبه إياها وجعله زمام أمره بيدها .
وروي أنه عليه السلام لما إستعصم عنها ويئست منه قالت للعزيز : إن هذا الغلام العبراني قد فضحني في الناس يخبرهم بأني راودته عن نفسه فأبى ويصف الأمر حسبما يختار وأنا محبوسة محجوبة فأما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر إلى الناس وأكذبه وإما أن تحبسه كما أني محبوسة فحبس قال ابن عباس : إنه أمر به عليه السلام فحمل على حمار وضرب معه الطبل ونودي عليه في أسواق مصر أن يوسف العبراني راود سيدته فهذا جزاؤه وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما قال أبو صالح : كلما ذكر هذا بكى وأرادت بذلك تحقيق وعيدها لتلين به عريكته وتنقاد لها قرونته لما إنصرمت حبال رجائها عن إستتباعه بعرض الجمال بنفسها وبأعوانها .
وقرأ الحسن لتسجننه على صيغة الخطاب بأن خاطب بعضهم العزيز ومن يليه أو العزيز وحده على وجه التعظيم أو خاطب به العزيز ومن عنده من أصحاب الرأي المباشرين للسجن والحبس حتى حين .
35 .
- قال ابن عباس : إلى انقطاع المقال وما شاع في المدينة من الفاحشة وهذا بادي الرأي عند العزيز وأما عندها فحتى يذلله السجن ويسخره لها ويحسب الناس أنه المجرم وقيل : الحين ههنا خمس سنين وقيل : بل سبع .
وقال مقاتل : إنه عليه السلام حبس إثنتي عشرة سنة والأولى أن لا يجزم بمقدار وإنما يجزم بالمدة الطويلة والحين عند الأكثرين وقت من الزمان غير محدود يقع على القصير منه والطويل وقد إستعمل في غير ذلك كما ذكرناه في شرح القادرية .
وقرأ ابن مسعود عتى بإبدال حاء حتى عينا وهي لغة هذيل وقد أقرأ رضي الله تعالى عنه بذلك إلى أن كتب إليه عمر رضي الله تعالى عنه أن يقريء بلغة قريش حتى بالحاء ودخل معه السجن فتيان غلامان كانا للملك الأكبر الريان بن الوليد : أحدهما خبازه وصاحب طعامه والآخر ساقيه وصاحب شرابه وكان قد غضب عليهما الملك بسبب أن جماعة من أشراف مصر أرادوا المكر بالملك واغتياله فضمنوا لهما مالا على أن يسماه في طعامه وشرابه فأجابا إلى ذلك ثم إن الساقي ندم فرجع عن ذلك وقبل الخباز الرشوة وسم الطعام فلما حضر بين يدي الملك قال الساقي : لا تأكل أيها الملك فإن الطعام مسموم وقال الخباز : لا تشرب فإن الشراب مسموم فقال للساقي : إشربه فشربه فلم يضره وقال للخباز : كل من طعامك فأبى فأطعم من ذلك لدابة فهلكت فأمر الملك بحبسهما فاتفق أن أدخلا معه السجن ولعله إنما عبربدخل الظاهر في كون الدخول