تعالى عن نفسه كما تقول جاذبته عن كذا دلالة على الابعاد وتحصيل الجذب البالغ ولهذا قال في الاساس ومن المجاز راوده عن نفسه خادعه عنها .
وقال الزمخشري هنا أي فعلت ما يفعل المخادع بصحابه عن الشيء الذي لا يريد أن يخرجه من يده ولا شك أن هذا إنما يحصل من المنازعة في الرود ولهذه النكتة جعل كناية عن التمحل لموافقته إياها والعدول عن التصريح بإسمها للمحافظة على الستر ما أمكن أو للاستجهان بذكره وإيراد الموصول دون امرأة العزيز مع أنه أخصر وأظهر لتقرير المراودة فإن كونه في بيتها مما يدعو إلى ذلك ولاظهار كمال نزاهته عليه السلام فإن عدم ميله إليها مع دوام مشاهدته لمحاسنها واستعصائه عليها مع كونه تحت يدها ينادى بكونه عليه السلام في أعلى معارج العفة وإضافة البيت إلى ضميرها لما أن العرب تضيف البيوت إلى النساء باعتبار أنهن القائمات بمصالحه أو الملازمات له وخرج على ذلك قوله تعالى وقرن في بيوتكن وكثر في كلامهم صاحبة البيت وربة البيت للمرأة ومن ذلك ياربة البيت قومي غير صاغة قال تعالى وغلقت الأبوات أي أبواب البيت وتشديد الفعل للتكثير في المفعول إن قلنا إن الأبواب كانت سبعة كما قيل فإن لم نقل به فهو لتكثير الفعل فكأنه غلق مرة بعد مرة أو بمغلاق بعد مغلاق وجمع الأبواب حينئذ إما لجعل جزء منه كأنه باب أو لجعل تعدد إغلاقه بمنزلة تعدده وزعم بعضهم أنه لم يغلق إلا بابان باب الدار وباب الحجر التي هما فيها .
وادعى بعض المتأخرين أن التشديد للتعدية وأن كونه للتكثير وهم معللا ذلك بأن غلقت الأبواب غلقا لغة رديئة متروكة حسبما ذكره الجوهري ورد بأن إفادة التعدية لا تنافي إفادة التكثير معها فإن مجرد التعدية يحصل بباب الأفعال فاختيار التفعيل عليه لأحد الأمرين ولذا قال الجوهري أيضا وغلقت الأبواب شدد للتكثير اه .
وهي الحواشي الشاهبية أنه لم يتنبه الراد لأن ما نقله عليه لا له لأن الردىء الذي ذكره اللغو إنما هو استعمال الثلاثي منه لا أن له ثلاثيا لازما حتى يتعين كون التفعيل للتعدية فتعديه لازم في الثلاثي وغيره سواء كان رديئا أو فصيحا فتعين أنه للتكثير وقد قال بذل غير واحد فالواهم ابن اخت خالة الموهم فافهم وقالت هيت لك أي أسرع فهي اسم فعل أمر مبني على الفتح كأين وفسرها الكسائي والفراء بتعال وزعما أنها كلمة حورانية وقعت إلى أهل الحجاز فتكلموا بها وقال أبو زيد هي عبرانية وعن ابن عباس والحسن هي سريانية وقال السدي هي قبطية .
وقال مجاهد وغيره هي عربية تدعوه لها إلى نفسها وهي كلمة حث وإقبال والام للتبيين كالتي في سقيا لك فهي متعلقة بمحذوف أي إرادتي كائنة لك أو اقول لك وجوز كونها اسم فعل خبري كهيهات واللام متعلقة بها والمعنى تهيأت لك وجعلها بعضهم على هذا للتبيين متعلقة بمحذوف أي لأن اسم الفعل لا يتعلق به الجار والتاء مطلقا من بنية الكلمة وليس تفسيرها بتهيأت لكون الدال على التكلم التاء ليرد أنها