وأخرج أبو الشيخ وغيره عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : لا تلقنوا الناس فيكذبوا فإن بني يعقوب لم يعلموا أن الذئب يأكل الناس فلما لقنهم أبوهم كذبوا فقالوا : أكله الذئب والحزن ألم القلب لفوت المحبوب والخوف انزعاج النفس لنزول المكروه ولذلك أسند الأول إلى الذهاب به المفوت لإستمرار مصاحبته ومواصلته ليوسف عليه السلام والثاني إلى ما يتوقع نزوله من أكل الذئب والذئب أصله الهمزة وهي لغة الحجاز وبها قرأ غير واحد .
وقرأ الكسائي وخلف وأبو جعفر وورش والأعشى وغيرهم بإبدالها ياءا لسكونها وانكسار ما قبلها وهو القياس في مثل ذلك وذكر بعضهم أنه قد همزه على الأصل ابن كثير ونافع في رواية قالون وأبو عمرو وقفا وابن عامر وحمزة درجا وأبدلا وقفا ولعل ذلك لأن إلتقاء الساكنين في الوقف وإن كان جائزا إلا أنه إذا كان الأول حرف مد يكون أحسن .
وقال نصر : سمعت أبا عمرو لا يهمزه والظاهر أنه أراد مطلقا فيكون ما تقدم رواية وهذه أخرى ويجمع على أذؤب وذئاب وذؤبان واشتقاقه عند الزمخشري من تذاءبت الريح إذا هبت من كل جهة .
وقال الأصمعي : إن إشتقاق تذاءبت من الذئب لأن الذئب يفعله في عدوه قيل : وهو أنسب ولذا عد تذاءبت الريح من المجاز في الأساس لكن قيل عليه : إن أخذ الفعل من الأسماء الجامدة كإبل قليل مخالف للقياس وأنتم عنه غافلون .
13 .
- لإشتغالكم بالرتع واللعب أو لقلة اهتمامكم بحفظه .
قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة أي والحال أنا جماعة جديرة بأن تعصب بنا الأمور وتكفي بآرائنا وتدبيراتنا الخطوب واللام الداخلة على الشرط موطئة للقسم وقوله سبحانه : إنا إذا لخاسرون .
14 .
- جواب مجزيء عن الجزاء والخسار إما بمهنى الهلاك أو تجويزا عن الضعف أو إستحقاقه أو عن إستحقاق الدعاء به أي لضعفاء عاجرون أو مستحقون للهلاك لإغناء عندنا ولا نفع في حياتنا أو مستحقون لأن يدعي علينا بالخسار والدمار فيقال : خسرهم الله تعالى ودمرهم إذ أكل الذئب أخاهم وهم معه وجوز أن يكون بمعناه الحقيقي أي إن لم نقدر على حفظه وهو أعز شيء عندنا فقد هلكت مواشينا وخسرناها وإنما إقتصروا على جواب خوف أبيهم عليه السلام من أكل الذئب مع أنه ذكر في وجه عدم مفارقته أمرين : حزنه لمفارقته وخوفه عليه من الذئب لأنه السبب القوي في المنع دون الحزن لقصر زمانه بناءا على سرعة عودهم به أو لأن حزنه بالذهاب إنما هو للخوف عليه فنفي الثاني يدل على نفي الأول أو لكراهتهم لذلك لأنه سبب حسدهم له فلذلك أعاروه أذنا صماء فلما ذهبوا به وأجمعوا أي عزموا عزما مصمما على أن يجعلوه غي غيابت الجب قيل : هو بئر على ثلاث فراسخ من مفام يعقوب عليه السلام بكنعان التي هي من نواحي الأردن وقيل : هو بين مصر ومدين وقيل : بنفس أرض الأردن وزعم بعضهم أنها بئر بيت المقدس وتعقب بأنه يرده التعليل بالتقاط بعض السيارة ومجيئهم عشاء ذلك اليوم فإن بين منزل يعقوب عليه السلام وبيت المقدس مراحل وجواب لما محذوف إيذانا بظهوره وإشعارا بأن تفصيله مما لا يحويه فلك العبارة ومجمله فعلوا ما فعلوا وقدره بعضهم عظمت فتنتهم وهو أولى من تقدير وضعوه فيها وقيل : لا حذف والجواب أوحينا والواو زائدة وليس بشيء .
وقال وهب وغيره من أهل السير والأخبار : إن إخوة يوسف عليه السلام قالوا : أما تشتقاق أن تخرج معنا