إلى مواشينا فنصيد ونستبق فقال عليه السلام : بلى قالوا : فسل أباك أن يرسلك معنا فقال عليه السلام : أفعل فدخلوا بجماعتهم على يعقوب فقالوا : يا أبانا إن يوسف قد أحب أن يخرج معنا إلى مواشينا فقال يعقوب : ما تقول يا بني قال : نعم يا أبت إني أرى من أخوتي من اللين واللطف فأحب أن تأذن لي وكان يعقوب يكره مفارقته ويحب مرضاته فأذن له وأرسله معهم فلما خرجوا به جعلو يحملونه على رقابهم ويعقوب ينظر إليهم فلما بعدوا عنه وصاروا به إلى الصحراء ألقوه إلى الأرض وأظهروا له ما في أنفسهم من العداوة وبسطوا له القول وجعلوا يضربونه فجعل كلما جاء إلى واحد منهم واستغاث به ضربه فلما فطن لما عزموا عليه جعل ينادي يا أبتا لو رأيت يوسف وما نزل به من إخوته لأحزنك ذلك وأبكاك با أبتاه ما أسرع ما نسوا عهدك وضيعوا وصيتك جعل يبكي بكاءا شديدا فأخذه روبيل فجلد به الأرض ثم جثم على صدره وأراد قتله فقال له يوسف : مهلا يا أخي لا تقتلني فقال له : ياابن راحيل أنت صاحب الأحلام قل لرؤياك تخلصك من أيدينا ولوى عنقه فاستغاث بيهوذا وقال له : إتق الله تعالى في وحل بيني وبين من يريد قتلي فأدركته رحمة الأخوة ورق له فقال : يا إخوتاه ما على هذا عاهدتموني ألا أدلكم على ما هو أهون لكم وأرفق به قالوا : وما هو قال : تلقونه في هذا الجب فإما أن يموت أو يلتقطه بعض السيارة فانطلقوا به إلى بئر هناك واسع الأسفل ضيق الرأس فجعلوا يدلونه فيها فتعلق بشفيرها فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال : يا إخوتاه ردوا علي قميصي لأستتر به في الجب فلم يفعلوا ثم ألقوه فيها فقال لهم يا إخوتاه أتدعوني وحيدا قالوا : ادع الشمس والقمر والكواكب تؤنسك .
وقيل : جعلوه في دلو ثم أدلوه فلما بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت وكان في البئر ماء فسقط فيه ثم قام على صخرة فيها .
وروي أنهم لما ألقوه في الجب جعل يبكي فنادوه فظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم فأرادوا رضخه بصخرة ليقتلوه فمنعهم يهوذا وكان عند يعقوب قميص إبراهيم عليه السلام الذي كساه الله تعالى إياه من الجنة حين ألقي في النار وكان قد جعله في قصبة من فضة وعلقه في عتق يوسف لما خرج مع إخوته فلما صار في البئر أخرجه ملك وألبسه إياه فأضاء له الجب وعن الحسن أنه لما ألقي فيها عذب ماؤها وكان يغنيه عن الطعام والشراب ونزل عليه جبريل عليه السلام يؤنسه فلما أمسى نهض ليذهب فقال له : إني أستوحش إذا ذهبت فقال : إذا رمت شيئا فقال : يا صريخ المستصرخين ويا غوث المستغيثين ويا مفرج كرب المكروبين قد ترى مكاني وتعلم حالي ولا يخفى عليك شيء من أمري فلما قالها يوسف عليه السلام حفته الملائكة عليهم السلام واستأنس بهم .
وقال محمد بن مسلم الطائفي : إنه عليه السلام لما ألقي في الجب قال : يا شاهدا غير غائب ويا قريبا غير بعيد ويا غالبا غير مغلوب إجعل لي فرجا مما أنا فيه وقيل : كان يقول : يا إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إرحم ضعفي وقلة حيلتي وصغر سني وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : لما ألقي يوسف في الجب أتاه جبريل عليه السلام فقال : يا غلام من ألقاك في هذا الجب قال : إخوتي قال : ولم قال : لمودة أبي إياي حسدوني قال : تريد الخروج من ههنا قال : ذاك إلى إله يعقوب قال : قل : اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام أن تغفر لي وترحمني وأن تجعل من أمري فرجا ومخرجا وأن ترزقني من حيث أحتسب ومن حيث لا أحتسب فقالها فجعل الله تعالى له من أمره فرجا