والدليل إذا طرقه الإحتمال بطل به الإستدلال ورؤيتهم كواكب يهتدي بأنوارها بمعزل عن أن تكون دليلا علىأن مصيرهم إلى النبوة وإنما تكون دليلا على أن مصيرهم إلى كونهم هادين للناس وهو مما لا يلزمه النبوة فقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم : أصحابي كالنجوم بأبيهم إقتديتم إهتديتم ونحن لا ننكر أن القوم صاروا هادين بعد أن من الله تعالى عليهم بالتوبة بل هم لعمري حينئذ من أجلة أصحاب نبيهم وقد يقال أيضا : إنه لو دل رؤيتهم كواكب على أن مصيرهم إلى النبوة لكانت رؤية أمه قمرا أدل على ذلك ولا قائل به .
وقال بعضهم : لا مانع من أن يراد بآل يعقوب سائر نبيه و بإتمام النعمة إتمامها بالنبوة لكن لا يثبت بذلك نبوتهم بعد لجواز أن يراد يتم نعمته عليك بالنبوة وعلى آل يعقوب بشيء آخر كالخلاص من المكروه مثلا وهذا كقولك : أنعمت على زيد وعلى عمرو وهو لا يقتضي أن يكون الإنعام عليهما من نوع واحد لصدق الكلام بأن يكون قد أنعمت على زيد بمنصب وعلى عمرو بإعطائه ألف دينار أو بتخليصه من ظالم مثلا وهو ظاهر .
ورجح بعضهم حمل الآل على ما يعم الأبناء بأنه لو كان المراد الأبناء لكان الأظهر الأخصر وعلى إخوتك بدل ما في النظم الجليل وقيل : إنما إختار ذلك عليه لأنه يتبادر من الإخوة الإخوة الذي نهى عن الإقتصاص عليهم فلا يدخل بنيامين والمراد إدخاله وقيل : المراد بآل يعقوب أتباعه الذين على دينه .
وقيل : يعقوب خاصة على أن الآل بمعنى الشخص ولا يخفى ما في القولين من البعد وأبعدهما الأخير ومن جعل إتمام النعمة إشارة إلى الملك جعل العطف بإعتبار أنهم يغتنمون آثاره من العز والجاه والمال هذا .
كمآ أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق أي إتماما كائنا كإتمام نعمته على أبويك من قبل هذا الوقت أو من قبلك والإسمان الكريمان عطف بيان لأبويك والتعبير عنهما بالأب مع كونهما أبا جده وأبا أبيه لأشعار بكمال إرتباطه بالأنبياء عليهم السلام وتذكير معنى الولد سر أبيه ليطمئن قلبه بما أخبر به وإتمام النعمة على إبراهيم إما بالنبوة وإما بإتخاذه خليلا وإما بإتجائه من نار عدوه وإما من ذبح ولده وإما بأكثر من واحد من هذه وعلى إسحاق إما بالنبوة أو بإخراج يعقوب من صلبه أو بإنجائه من الذبح وفدائه بذبح عظيم على رواية أنه الذبيح وذهب إليه غير واحد وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه وأمر التشبيه على سائر الإحتمالات سهل إذ لا يجب أن يكون من كل وجه والإقتصار في المشبه به على ذكر إتمام النعمة من غير تعرض للإجتباء من باب الإكتفاء كما قيل فإن إتمام النعمة يقتضي سابقة النعمة المستدعية للإجتباء لا محالة ومعرفته عليه السلام ولما أخبر مما لم تدل عليه الرؤيا إما بفراسة وكثيرا ما تصدق فراسة الوالد بولده كيفما كان الوالد فما ظنك بفراسته إذا كان نبيا أو بوحي وقد يدعي أنه إستدل بالرؤيا على كل ذلك إن ربك عليم بكل شيء فيعلم من يستحق المذكورات حكيم .
6 .
- فاعل لكل شيء حسبما تقتضيه الحكمة فيفعل ما يفعل جريا على سنن علمه وحكمته والجملة 2 إستئناف لتحقيق الجمل المذكورة .
لقد كان في يوسف وإخوته أي في قصصهم والظاهرة أن المراد بالإخوة هنا ما أريد بالإخوة فيما مر وذهب جمع إلى أنهم هناك بنو علاته وجوز أن يراد بهم ههنا ما يشمل من كان من الأعيان لأن لبنيامين أيضا حصة من القصة ويبعده على ما قيل : قالوا الآتي آيات علامات عظيمة الشأن دالة على عظيم قدرة