فالمستكثر والمستقل وأرى سببا وأصلا من السماء إلى الأرض فأراك يا رسول الله أخذت به فعلوت ثم أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فعلا ثم أخذ به رجل آخر فانقطع به ثم وصل له فعلا فقال أبو بكر رضي الله تعالى : أي رسول الله بأبي أنت وأمي والله لتدعني فلأعبرها فقال E : عبرها فقال : أما الظلة فظلة الإسلام وأما ينطف من السمن والعسل فهو القرآن لينه وحلاوته وأما الستكثر والمستقل فالمستكثر من القرآن والمستقل منه وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فهو الحق الذي أنت عليه تأخذ به فيعليك الله تعالى ثم يأخذ به رجل بعدك فيعلو به ثم آخر بعده فيعلو به ثم آخر بعده فيعلو به ثم آخر فينقطع به ثم يوصل له فيعلو أي رسول الله لتحدثني أصبت أم أخطأت فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : أصبت بعضا وأخطأت بعضا فقال : أقسمت بأبي وأمي لتحدثني يا رسول الله ما الذي أخطأت فقال E : لا تقسم : أه اللهم إلا أن يدعي أن المراد التعليم على الوجه الأكمل بحيث لا يخطيء من يخطيء وهو يستدعى كون الرجل بحيث يعرف المناسبات ومراتب النفوس ويلتزم القول بأن ذلك لا يكون إلا نبيا واختير أن المراد بالإجتباء الإصفاء للنبوة وبتعليم التأويل ما هو الظاهر وبإتمام النعمة تخليصه من المكاره ويكون قوله عليه السلام : يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك إشارة إجمالية منه إلى تعبير الرؤيا كما لا يخفى على من له ذوق وهو أيضا متضمن للبشارة وهذا إرداف لها بما هو أجل في نظر يوسف عليه السلام ووجه توسيط التعليم عليه لا يخفى .
وحاصل المعنى كما أكرمك بهذه المبشرة الدالة على سجود إخوتك لك ورفعة شأنك عليهم يكرمك بالنبوة والعلم الذي تعرف به تأويل أمثال ما رأيت وإتمام تعمته عليك وعلى آل يعقوب بالخلاص من المكاره وهي في حق يوسف عليه السلام مما لا يخفى وفي حق آل يعقوب والمراد بهم أهله من بنيه وغيرهم وأصله أهل وقيل : أول وقد حققناه في غير ما كتاب ولا يستعمل إلا فيمن له خطر مطلقا ولا يضاف لما لا يعقل ولو كان ذا خطر بخلاف أهل فلا يقال : آل الحجام ولا آل الحرم ولكن أهل الحجام وأهل الحرم نعم قد يضاف لما نزل منزلة العاقل كما في قول عبدالمطلب .
وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك .
وفيه رد على أبي جعفر الزبيدي حيث زعم عدم جواز إضافته إلى الضمير لعدم سماعه مضافا إليه ويعقوب كابنه إسم أعجمي لا إشتقاق له فما قيل : من أنه سمي بذلك لأنه خرج من بطن أمه عقب أخيه العيص غير مرضي عند الجلة الفاقة والقحط وتفرق الشمل وغير ذلك مما يعم أو يخص ومنهم من فسر الآل بالبنين وإتمام النعمة بالإستنباء وجعل حاصل المعنى يمن عليك وعلى سائر أبناء يعقوب بالنبوة واستدل بذلك على أنهم صاروا بعد أنبياء .
وفي إرشاد العقل السليم أن رؤية يوسف عليه السلام إخوته كواكب يهتدي بأنوارها من نعم الله تعالى عليهم لدلالتها على مصير أمرهم إلى النبوة فيقع كل ما يخرج من القوة إلى الفعل من كمالاتهم بحسب ذلك تماما لتلك النعمة لا محالة وأنت تعلم أن ما ذكر لا يصلح دليلا على أنهم صاروا أنبياء لما علمت من الإحتمالات