باطل وأباطيل وليس بإسم جمع له لأن النحاة قد شرطوا في إسم الجمع أن لا يكون على وزن يختص بالجمع كمفاعيل وممن صرح بأنه جمع الزمخشري في المفصل وهو مراده من إسم الجمع في الكشاف فإنه كغيره كثيرا ما يطلق إسم الجمع على الجمع المخالف للقياس فلا مخالفة بين كلاميه وقيل : هو جمع أحدوثة ورد بأن الأحدوثة الحديث المضحك كالخرافة فلا يناسب هنا ولا في أحاديث الرسول E أن يكون جمع أحدوثة وقال ابن هشام : الأحدوثة من الحديث ما يتحدث به ولا تستعمل إلا في الشر ولعل الأمر ليس كما ذكروا وقد نص المبرد على أنها ترد في الخير وأنشد قول جميل وهو مما سار وغار : وكنت إذا ما جئت سعدي أزورها أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها من الخفرات البيض ود جليسها إذا ما انقضت أحدوثة لو تعيدها وقيل : إنهم جمعوا حديثا على أحدوثة ثم جمعوا الجمع على أحاديث كقطيع أو أقطعة وأقاطيع وكون المراد من تأويل الأحاديث تعبير الرؤيا هو المروي عن مجاهد والسدي وعن الحسن أن المراد عواقب الأمور وعن الزجاج أن المراد بيان معاني أحاديث الأنبياء والأمم السالفة والكتب المنزلة .
وقيل : المراد بالأحاديث الأمور المحدثة من الروحانيات والجسمانيات وبتأويلها كيفية الإستدلال بها على قدرة الله تعالى وحكمته وجلالته والكل خلاف الظاهر فيما أرى ويتم نعمته عليك بأن يصل نعمة الدنيا بنعمة الآخرة أو بأن يضم إلى النبوة المستفادة من الإجتباء الملك ويجعله تتمة لها أو بأن يضم إلى التعليم الخلاص من المحن والشدائد وتوسيط ذكر التعليم لكونه من لوازم النبوة والإجتباء ولرعاية ترتيب الوجود الخارجي ولأن التعليم وسيلة إلى إتمام النعمة فإن تعبيره لرؤيا صاحبي السجن ورؤيا الملك صار ذريعة إلى الخلاص من السجن والإتصال بالرياسة العظمى .
وفسر بعضهم الإجتباء بإعطاء الدرجات العالية كالملك والجلالة في قلوب الخلق وإتمام النعمة بالنبوة وأيد بأن إتمام النعمة عبارة عما تصير به النعمة تامة كاملة خالية عن جهات النقصان وما ذاك في حق البشر إلا النبوة فإن جميع مناصب الخلق ناقصة بالنسبة إليها .
وجوز أن تعد نفس الرؤيا من نعم الله تعالى عليه فيكون النعم الواصلة إليه بحسبها مصداقا لها تماما لتلك النعمة ولا يخلو عن بعد وقيل : المراد من الإجتباء إفاضة ما يستعد به لكل خير ومكرمة ومن تعليم تأويل الأحاديث تعليم تعبير الرؤيا ومن إتمام النعمة عليه تخليصه من المحن على أتم وجه بحيث يكون مع خلاصه منها ممن يخضع له ويكون في تعليم التأويل إشارة إلى إستنبائه لأن ذلك لا يكون إلا بالوحي وفيه أن تفسير الإجتباء بما ذكر غير ظاهر وكون التعليم فيه إشارة إلى الإستنباء في حيز المنع وما ذكر من الدليل لا يثبته فإن الظاهر أن إخوته كانوا يعلمون التأويل وإلا لم ينهه أبوه عليه السلام عن إقتصاص رؤياه عليهم خوف الكيد وكونهم أنبياء إذ ذاك مما لم يذهب إليه ذاهب ولا يكاد يذهب إليه أصلا نعم ذكروا أنه لا يعرف التعبير كما لا ينبغي إلا من عرف المناسبات التي بين الصور ومعانيها وعرف مراتب النفوس التي تظهر في حضرة خيالاتهم بحسبها فإن أحكام الصورة الواحدة تختلف بالنسبة إلى الأشخاص المختلفة المراتب وهذا عزيز الوجود وقد ثبت الخطأ في التعبير من علماء أكابر فقد روى أبو هريرة أن رجلا أتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : إني رأيت ظلة ينطف منها السمن والعسل وأرى الناس يتكففون في أيديهم