بحيث يمكن أن يكون للشيطان عليهم سبيل ويؤيد هذا أنهم لم يكونوا أنبياء والمسألة خلافية فالذي عليه الأكثرون سلفا وخلفا أنهم لم يكونوا أنبياء أصلا أما السلف فلم ينقل عن الصحابة منهم أنه قال بنبوتهم ولا يحفظ عن أحد من التابعين أيضا وأما إتباع التابعين فنقل عن ابن زيد أنه قال بنبوتهم وتابعه شرذمة قليلة وأما الخلف فالمفسرون فرق : فمنهم من قال بقول ابن زيد كالبغوي ومنهم من بالغ في رده كالقرطبي وابن كثير ومنهم من حكى القولين بلا ترجيح كابن الجوزي ومنهم من لم يتعرض للمسألة لكن ذكر ما يشعر بعدم كونهم أنبياء كتفسيره الأسباط بمن نبيء من بني إسرائيل والمنزل إليهم بالمنزل إلى أنبيائهم كأبي الليث السمرقندي والواحدي ومنهم من لم يذكر شيئا من ذلك ولكن فسر الأسباط بأولاد يعقوب فحسبه ناس قولا بنبوتهم وليس نصا فيه لإحتمال أن يريد بالأولاد ذريته لإبنيه لصلبه وذكر الشيخ ابن تيمية في مؤلف له خاص في هذه المسألة ما ملخصه : الذي يدل عليه القرآن واللغة والإعتبار أن إخوة يوسف عليه السلام ليسوا بأنبياء وليس في القرآن ولا عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بل ولا عن أحد من أصحابه رضي الله تعالى عنهم خبر بأن الله تعالى نبأهم وإنما احتج من قال : بأنهم نبئوا بقوله تعالى في آيتي البقرة والنساء : والأسباط وفسر ذلك بأولاد يعقوب والصواب أنه المراد بهم أولاده لصلبه بل ذريته كما يقال لهم : بنو إسرائيل وكما يقال لسائر الناس : بنو آدم وقوله تعالى : ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما صريح في أن الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل وكل سبط أمة وقد صرحوا بأن الأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل وأصل السبط كما قال أبو سعيد الضرير : شجرة واحدة ملتفة كثيرة الأغصان فلا معنى لتسمية الأبناء الأثني عشر أسباطا قبل أن ينتشر عنهم الأولاد فتخصيص الأسباط في الآية ببنيه عليه السلام لصلبه غلط لا يدل عليه اللفظ ولا المعنى ومن ادعاه فقد أخطأ بينا والصواب أيضا أنهم إنما سموا أسباطا من عهد موسى عليه السلام ومن حينئذ كانت فيهم النبوة فإنه لم يعرف نبي قبله إلا يوسف ومما يؤيد ذلك أنه سبحانه لما ذكر الأنبياء من ذرية إبراهيم قال : ومن ذريته داود وسليمان الآيات فذكر يوسف ومن معه ولم يذكر الأسباط ولو كان إخوة يوسف قد نبئوا كما نبيء لذكروا كما ذكر وأيضا إن الله تعالى ذكر للأنبياء عليهم السلام من المحامد والثناء ما يناسب النبوة وإن كان قبلها وجاء في الحديث أكرم الناس يوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن إبراهيم نبي ابن نبي فلو كانت إخوته أنبياء كانوا قد شاركوه في هذا الكرم وهو سبحانه لما قص قصتهم وما فعلوا بأخيهم ذكر إعترافهم بالخطيئة وطالبهم الإستغفار من أبيهم ولم يذكر من فضلهم ما يناسب النبوة وإن كان قبلها بل ولا ذكر عنهم توبة باهرة كما ذكر عمن ذنبه دون ذنبهم ولم يذكر سبحانه عن أحد من الأنبياء قبل النبوة ولا بعدها أنه فعل مثل هذه الأمور العظيمة من عقوق الوالد وقطيعة الرحم وإرقاق المسلم وبيعه إلى بلاد الكفر والكذب البين إلى غير ذلك مما حكاه عنهم بل لو لم يكن دليل على عدم نبوتهم سوى صدور هذه العظائم منهم لكفى لأن الأنبياء معصومون عن صدور مثل ذلك قبل النبوة وبعدها عند الأكثرين وهي أيضا أمور لا يطيقها من هو دون البلوغ فلا يصح الإعتذار بأنها صدرت منهم قبله وهو لا يمنع الإستنباء بعد وأيضا ذكر أهل السير أن إخوة يوسف كلهم ماتوا بمصر وهو أيضا مات بها لكن أوصى بنقله إلى الشام فنقله موسى عليه السلام ولم يذكر في القرآن أن أهل مصر قد جاءهم نبي قبل موسى غير يوسف ولو كان منهم نبي لذكر وهذا دون ما قبله في الدلالة كما لا يخفى