أهل المواقف المدلول عليه بقوله سبحانه : لا تكلم نفس أو الجميع الذي تضمنه نفس إذ هو إسم جنس أريد به الجميع على ما نقله أبو حيان عن ابن عطية أو الناس المذكور في قوله سبحانه : مجموع له الناس ونقل ابن الأنباري أن الضمير لأمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو من الغرابة بمكان وكأنه قصد هذا القائل بذلك تمهيدا لتوجيه الإستثناء الآتي وهو ولله الحمد غني عن ذلك والظاهر أن من للتبعيض والجار والمجرور خبر مقدم وقوله سبحانه : شقي مبتدأ وقوله تعالى : وسعيد .
105 .
- بتقدير ومنهم سعيد وحذف منهم لدلالة الأول عليه والسعادة على ما قال الراغب : معاونة الأمور الآلهية للإنسان على نيل الخير ويضادها الشقاوة وفسر في البحر الشقاوة بنكد العيش و سوئه ثم قال : والسعادة ضدها وفي القاموس ما يقرب من ذلك فالشقي والسعيد هما المتصفان بما ذكر وفسر غير واحد الأول بمن إستحق النار بمقتضى الوعيد والثاني بمن إستحق الجنة بموجب الوعد وهذا هو المتعارف بين الشرعيين وتقديم الشقي على السعيد لأن المقام مقام الإنذار والتحذير فأما الذين شقوا أي سبقت لهم الشقاوة ففي النار أي مستقرون فيها لهم فيها زفير وشهيق .
106 .
- قال أهل اللغة من الكوفية والبصرية : الزفير بمنزلة إبتداء صوت الحمار والشهيق بمنزلة آخر نهيقه قال رؤبة : حشرج في الصدر صهيلا أو شهق حتى يقال ناهق وما نهق وقال ابن فارس : الزفير إخراج النفس والشهيق رده قال الشماخ في حمار وحش : بعيد مدى التطريب أو صوته زفير ويتلوه شهيق محشرج وقال الراغب : الزفير ترديد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه من زفر فلان إذا حمل حملا بمشقة فتردد فيه نفسه ومنه قيل : للإماء الحاملات الماء : زوافر والشهيق طول الزفير وهو رد النفس والزفير مده وأصله من جبل شاهق أي متناه في الطول .
وعن السائب أن الزفير للحمير والشهيق للبغال وهو غريب ويراد بهما الدلالة على كربهم وغمهم وتشبيه حالهم بحال من إستولت على قلبه الحرارة وانحصر فيه روحه أو تشبيه أصواتهم بأصوات الحمير ففي الكلام إستعارة تمثيلية أو إستعارة مصرحة والمأثور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال : يريد ندامة ونفسا عاليا وبكاءا لا ينقطع وقرأ الحسن شقوا بضم الشين فاستعمل متعديا لأنه يقال شقاه الله تعالى كما يقال أشقاه وجملة لهم فيها زفير إلخ مستأنفة كأن سائلا قال : ما شأنهم فيها فقيل لهم فيها كذا وكذا وجوز أن تكون منصوبة المحل على الحالية من النار أو من الضمير في الجار والمجرور كقوله D : خالدين فيها خلا أنه إن أريد حدوث كونهم في النار فالحال مقدرة ما دامت السماوات والأرض أي مدة دوامها وهذا عبارة عن التأييد ونفي الإنقطاع على منهاج قول العرب : لا أفعل كذا ما لاح كوكب وما أضاء الفجر وما إختلف الليل والنهار وما بل بحر صوفة وما تغنت حمامة إلى غير ذلك من كلمات التأييد عندهم لا تعليق قرارهم فيها بدوام هذه السماوات والأرض فأن النصوص القاطعة دالة على تأييد قرارهم فيها وانقطاع دوامهما وروي هذا عن ابن جرير وجوز أن يحمل ذلك على التعليق والمراد بالسماوات والأرض سماوات الآخرة وأرضها وهي دائمة للأبد قال الزمخشري : والدليل على أن لها سماوات وأرضا قوله سبحانه : يوم تبدل الأرض غير