من لا يلتفت على أصل الإستثناء وإن كان الفصيح هو البدل أعني قراءة من قرأ بالرفع فأبدلها من أحد وفي إخراجها مع أهله روايتان : روي أنه أخرجها معهم وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلا هي فلما سمعت هذة العذاب إلتفتت وقالت : يا قوماه فأدركها حجر فقتلها .
وروي أنه لما أمر أن يخلقها مع قومها فإن هواها إليهم فلم يسر بها واختلاف القرائتين لغختلاف الروايتين إنتهى وأورد عليه ابن الحاجب ما خلاصته أنه إما أن يسري بها فالإستثناء من أحد متعين أولا فيتعين من فأسر بأهلك والقصة واحدة فأحد التأويلين باطل قطعا والقراءتان الثابتتان قطعا لا يجوز حملهما على ما يوجب بطلان أحدهما فالأولى أن يكون إلا امرأتك رفعا ونصبا مثل ما فعلوه إلا قليل منهم ولا يبعد أن يكون بعض القراء على الوجه الأقوى وأكثرهم على ما دونه بل جوز بعضهم أن تتفق القراء على القراءة بغير الأقوى .
وأجاب عنه بعض المغاربة بما أشار إليه في الكشف من منع التنافي لأن الإستثناء من الأهل يقتضي أن لا يكون لوط عليه السلام مأمورا بالإسراء بها ولا يمنع أنها سرت بنفسها ويكفي لصحة الإستثناءين هذا المقدار كيف ولم ينه عن إخراجها ولكنه أمر بإخراج غيرها نعم يرد على قوله : واختلاف القراءتين لإختلاف الروايتين أنه يلزم الشك في كلام لا ريب فيه من رب العالمين ويجاب بأن معناه إختلاف القراءتين جالب وسبب لإختلاف الروايتين كما تقول : السلاح للغزو أي أداة وصالح مثلا له ولم يرد أن إختلاف القرائتين لأجل إختلاف الروايتين قد حصل ولا شك أن كل رواية تناسب قراءة وإن أمكن الجمع وأما قوله : وأمر أن لا يلتفت منهم أحد إلا هي فنقل للرواية لا تفسير للفظ القرآن وإنما الكائن فيه إستثناؤها عن الحكم الذي للإستصلاح إذ لم يعن بها وإلى معنى ما أشار إليه صاحب الكشف في منع التنافي أشار أبو شامة فقال : وقع في تصحيح ما أعربه النحاة معنى حسن وذلك أن يكون في الكلام إختصارا نبه عليه إختلاف القراءتين فكأنه قيل : فأسر بأهلك إلا امرأتك كما قرأ به عبدالله ورواه أبو عبيدة عن مصحفه فهذا دليل على أن إستثناءها من السري بهم ثم كأنه قال سبحانه : فإن خرجت معكم وتبعتكم من غير أن تكون أنت سريت بها فإنه أهلك عن الإلتفات غيرها فإنها ستهلك ويصيبها ما يصيب قومها فكانت قراءة النصب دالة على المعنى المتقدم وقراءة الرفع دالة على هذا المعنى المتأخر ومجموعهما دال على جملة المعنى المشروح ولا يخفى ما في ذلك من التكلف كما قال ابن مالك ولذا إختار أن الرفع على أن الإستثناء منقطع و امرأتك مبتدأ والجملة بعدها خبره وإلا بمعنى لكن .
وقال ابن هشام في المغنى في الجهة الثامنة من الباب الخامس : إن ما ذكره الزمخشري وقد سبقه إليه غيره في الآية خلاف الظاهر والذي حمل القائلين عليه أن النصب قراءة الأكثرين فإذا قدر الإستثناء من أحد كانت قراءتهم على الوجه المرجوح وقد إلتزم بعضهم جواز مجيء الأمرين مستدلا بقوله تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر فإن النصب في ذلك عند سيبويه على حد قولهم : زيدا ضربته ولم ير خوف إلباس المفسر بالصفة مرجحا كما رآه بعض المتأخرين ثم قال : والذي أجزم به أن قراءة الأكثرين لا تكون مرجحة وأن الإستثناء على القرائتين من جملة الأمر بدليل سقوط ولا يلتفت إلخ في قراءة ابن مسعود والإستثناء منقطع بدليل سقوطه في آية الحجر ولأن المراد بالأهل المؤمنون وإن لم يكونوا من أهل بيته لا أهل بيته وإن لم يكونوا