وهما بمعنى واحد عند أبي عبيدة والأزهري وعن الليث أسري سار أول الليل وسرى سار آخره ولا يقال في النهار : إلا سار وليس هو مقلوب سرى والفاء لترتيب الأمر بالإسراء على الأخبار برسالتهم المؤذنة بورود الأمر والنهي من جنابه D إليه عليه السلام والباء للتعدية أو للملابسة أي سر ملابسا بأهلك بقطع من الليل قال ابن عباس : بطائفة منه وقال قتادة : بعد مضي صدر منه وقيل : نصفه وفي رواية أخرى عن الحبر آخره وأنشد قول مالك بن كنانة : ونائحة تقوم بقطع ليل على رحل أهانته شعوب وليس من باب الإستدلال وإلى هذا ذهب محمد بن زياد لقوله سبحانه : نجيناهم بسحر وتعقبه ابن عطية بأنه يحتمل أنه أسرى بأهله من أول الليل حتى جاوزوا البلد المقتلع ووقعت نجاتهم بسحر وأصل القطع القطعة من الشيء لكن قال ابن الأنباري : إن ذلك يختص بالليل فلا يقال : عندي قطع من الثوب .
وفسر بعضهم القطع من الليل بطائفة من ظلمته وعن الحبر أيضا تفسيره بنفس السواد ولعله من باب المساهلة ولا يلتفت منكم أحد أي لا يتخلف كما روي عن ابن عباس أولا ينظر إلى ورائه كما روي عن قتادة قيل : وهذا هو المعنى المشهور الحقيقي للإلتفات وأما الأول فلأنه يقال : لفته عن الأمر إذا صرفته عنه فالتفت أي أنصرف والتخلف إنصراف عن المسير قال تعالى : أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباؤنا أي تصرفنا كذا قال الراغب .
وفي الأساس أنه معنى مجازي والنهي في اللفظ لأحد وفي المعنى للوط عليه السلام على ما نقل عن المبرد وهذا كما تقول لخادمك : لا يقم أحد في أن النهي في الظاهر لأحد وهو في الحقيقة للخادم أن لا يدع أحدا يقوم فالمعنى هنا فأسر بأهلك ولا تدع أحدا منهم يلتفت ولا يخفى أنه على هذا تتم المناسبة بين المعطوف عليه والمعطوف لأن الأول لأمره عليه السلام والثاني لنهيه ويعلم من هذا أن ضمير منكم للأهل .
وقد صرح بذلك شهاب فلك الفضل الخفاجي فقال : وههنا لطيفة وهو أن المتأخرين من أهل البديع إخترعوا نوعا من البديع سموه تسمية النوع وهو أن يؤتى بشيء من البديع ويذكر إسمه على سبيل التورية كقوله في البديعية في الإستخدام : واستخدموا العين مني فهي جارية وكم سمحت بها في يوم بينهم وتبجحوا بإختراعه وأنا بمن الله تعالى أقول : إنه وقع في القرآن في هذه الآية لأن قوله سبحانه : فأسر بأهلك إلخ وقع فيه ضمير منكم للأهل فقوله جل وعلا : لا يلتفت من تسمية النوع وهذا من بديع النكات إنتهى وسر النهي عن الإلتفات بمعنى التخلف ظاهر وأما سره إذا كان بمعنى النظر إلى وراء فهو أن يجدوا في السير فإن من يلتفت إلى ورائه لا يخلو عن أدنى وقفة أو أن لا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم .
وذكر بعضهم أن النهي وكذا الضمير للوط عليه السلام ولأهله أي لا يلتفت أحد منك ومن أهلك .
إلا امرأتك بالنصب وهو قراءة أكثر السبعة .
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالرفع وقد كثر الكلام في ذلك فقال الزمخشري : إنه سبحانه إستثناها من قوله : فأسر بأهلك ويدل عليه قراءة عبدالله فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك ويجوز أن ينتصب