حتى احتوى بيتك المهين من خندف علياء تحتها النطف ثم خصوا الشرف بالشرف النسبي وإلا فالبيت بمعنى النسب مما لم يشع عند اللغويين ولعل الذي دعاهم لذلك بغضهم لعائشة رضي الله تعالى عنها فراءوا إخراجها من حكم يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وسيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل الكلام في هذا المقام واستدل بالآية على كراهة الزيادة في التحية على السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وروي ذلك عن غير واحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم .
أخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلا قال له : سلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته فانتهزه ابن عمر وقال : حسبك ما قال الله تعالى وأخرج عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته وصلواته ومغفرته فقال : إنتهوا بالتحية إلى ما قال الله سبحانه وفي رواية عن عطاء قال : كنت جالسا عند ابن عباس فجاء سائل فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه فقال : ما هذا السلام ! وغضب حتى احمرت وجنتاه إن الله تعالى حد للسلام حدا ثم إنتهى ونهى عما وراء ذلك ثم قرأ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد قال أبو الهيثم : أي تحمد أفعاله وفي الكشاف أي فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده ففعيل بمعنى مفعول وجوز الراغب أن يكون حميد هنا بمعنى حامد ولعل الأول أولى مجيد .
73 .
- أي كثير الخير والإحسان وقال ابن الأعرابي : هو الرفيع يقال : مجد كنصر وكرم مجدا ومجادة أي كرم وشرف وأصله من مجدت الإبل إذا وقعت في مرعى كثير واسع وقد أمجدنا الراعي إذا أوقعنا في ذلك وقال الأصمعي : يقال أمجدت الدابة إذا أكثرت علفها وقال الليث : أمجد فلان عطاءه ومجده إذا كثره ومن ذلك قول أبي حية النميري : تزيد على صواحبها وليست بماجدة الطعام ولا الشراب أي ليست بكثير الطعام ولا الشراب ومن أمثالهم في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار أي إستكثر من ذلك وقال الراغب : أي تحرى السعة في بذل الفضل المختص به وقال ابن عطية : مجد الشيء إذا حسنت أوصافه والجملة على ما في الكشف تذييل حسن لبيان أن مقتضى حالها أن تحمد مستوجب الحمد المحسن إليها بما أحسن وتمجده إذ شرفها بما شرف وقيل : هي تعليل لما سبق من قوله سبحانه : رحمة الله وبركاته عليكم فلما ذهب عن إبراهيم الروع أي الخوف والفزع قال الشاعر : إذا أخذتها هزة الروع أمسكت بمنكب مقدام على الهول أروعا والفعل راع ويتعدى بنفسه كما في قوله : ما راعني إلا حمولة أهلها وسط الديار تسف حب الخمخم والروع بضم الراء النفس وهي محل الروع والفاء لربط بعض أحوال إبراهيم عليه السلام ببعض غب إنفصالها بما ليس بأجنبي من كل وجه بل له مدخل في السياق والسباق وتأخر الفاعل من الظرف لكونه مصب الفائدة والمعنى لما زال عنه ما كان أوجسه منهم من الخيفة واطمأنت نفسه بالوقوف على جلية أمرهم وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط أي يجادل رسلنا في حالهم وشأنهم ففيه مجاز في الإسناد وكانت مجادلته عليه السلام لهم ما قصه الله سبحانه في قوله سبحانه في سورة العنكبوت : ولما جاءت رسلنا إبراهيم