وحينئذ يقدر مضاف كنسل وأولاد ونحوه وقيل : المراد إنه صرف نظر الأول وضعه وإن كان المراد به هنا القبيلة كفروا ربهم صرح بكفرهم مع كونه معلوما مما سبق من أحوالهم تقبيحا لحالهم وتعليلا لإستحقاقهم الدعاء عليهم بالعبد والهلاك في قوله سبحانه : ألا بعدا لثمود .
68 .
- وقرأ الكسائي لا غير بالتنوين وقد تقدم الكلام في شرح قصتهم على أتم وجه ولقد جاءت رسلنا إبراهيم وهم الملائكة روي عن ابن عباس أنهم كانوا إثني عشر ملكا .
وقال السدي : أحد عشر على صورة الغلمان في غاية الحسن والبهجة وحكى صاحب الفينان أنهم عشرة منهم جبريل وقال الضحاك : تسعة وقال محمد بن كعب : ثمانية وحكى الماوردي أنهم أربعة ولم يسمهم .
وجاء في رواية عن عثمان بن محيصن أنهم جبريل وإسرافيل وميكائيل ورفائيل عليهم السلام وفي رواية عن ابن عباس وابن جبير أنهم ثلاثة الأولون فقط وقال مقاتل : جبرائيل وميكائيل وملك الموت عليهم السلام ولإختار بعضهم اللإقتصار على القول بأنهم ثلاثة لأن ذلك أقل ما يدل عليه الجمع وليس هناك ما يعول عليه في الزائد وإنما أسند إليهم المجيء دون الإرسال لأنهم لم يكونوا مرسلين إليه عليه السلام بل إلى قوم لوط لقوله تعالى : إنا أرسلنا إلى قوم لوط وإنما جاءوه لداعية البشرى قيل : ولما كان المقصود في السورة الكريمة ذكر صنيع الأمم السالفة مع الرسل المرسلة إليهم ولحوق العذاب بهم ولم يكن جميع قوم إبراهيم عليه السلام من لحق بهم العذاب بل إنما لحق بقوم لوط منهم خاصة غير الأسلوب المطرد فيما سبق من قوله تعالى : وإلى عاد أخواهم هودا وإلى ثمود أخوهم صالحا ثم رجع إليه حيث قيل : وإلى مدين أخاهم شعيبا والباء في قوله تعالى : بالبشرى للملابسة أي ملتبسين بالبشرى والمراد بها قيل : مطلق البشارة المنتظمة بالبشارة بالولد من سارة لقوله تعالى : فبشرناه بإسحاق الآية وقوله سبحانه : وبشرناه بغلام حليم إلى غير ذلك وللبشارة بعدم لحوق الضرر به لقوله تعالى : فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى لظهور تفرع المجادلة على مجيئها وكانت البشارة الأولى على ما قيل : من ميكائيل والثانية من إسرافيل عليهما السلام وقيل : المراد بها البشارة بهلاك قوم لوط عليه السلام فإن هلاك الظلمة من أجل ما يبشر به المؤمن .
وإعترض بأنه يأباه مجادلته عليه السلام في شأنهم وإستظهر الزمخشري أنها البشارة بالولد وهي المرادة بالبشرى فيما سيأتي وسر تفرع المجادلة عليها سيذكر إن شاء الله تعالى وعلل في الكشف إستظهار ذلك بقوله : لأنه الأنسب بالإطلاق ولقوله سبحانه في الذاريات : وبشروه بغلام عليم ثم قال بعده : فما خطبكم أيها المرسلون ثم قال : وقوله تعالى : فلما ذهب عن إبراهيم إلخ وإن كان يحتمل أن ثمة بشارتين فيحتمل في كل موضع على واحدة لكنه خلاف الظاهر إنتهى ولما كان الإخبار بمجيء الرسل عليهم السلام مظنة لسؤال السامع بأنهم ما قالوا : أجيب بأنهم قالوا سلاما أي سلمنا أو نسلم عليك سلاما فهو منصوب بفعل محذوف والجملة مقول القول قال ابن عطية : ويصح أن يكون مفعول قالوا على أنه حكاية لمعنى ما قالوا لا حكاية للفظهم .
وروي ذلك عن مجاهد والسدي ولذلك عمل فيه القول وهذا كما تقول لرجل قال : لا إله إلا الله : قلت حقا وإخلاصا .
وقيل : إن النصب بقالوا لما فيه من معنى الذكر كأنه قيل : ذكروا سلاما قال سلام أي عليكم سلام