ويوم شهدناه سليما وعامرا قليل سوى طعن النهال نوافله أو غير مكذوب على المجاز كأن الواعد قال له : أفي بك فإن وفى به صدقه وإلا كذبه فهناك إستعارة مكنية تخييلية وقيل : مجاز مرسل بجعل مكذوب بمعنى باطل ومختلف أو وعد غير كذب على أن مكذوب مصدر على وزن مفعول كمجلود ومعقول بمعنى عقل وجلد فإنه سمع منهم ذلك لكنه نادر ولا يخفى ما في تسمية ذلك وعدا من المبالغة في التهكم فلما جاء أمرنا أي عذابنا أو أمرنا بنزوله وفيه ما لا يخفى من التهويل نجينا صالحا والذين آمنوا معه متعلق بنجينا أو بآمنوا برحمة منا أي بسببها أو ملتبسين بها وفي التنوين والوصف نوعان من التعظيم ومن خزي يومئذ أي نجيناهم من خزي يومئذ وهو الهلاك بالصيحة وهذا كقوله تعالى : ونجيناهم من عذاب غليظ على معنى إنا نجيناهم تلك التنجية من خزي يومئذ وجوز أن يراد ونجيناهم من ذل وفضيحة يوم القيامة أي من عذابه فهذه الآية كآية هود سواء بسواء .
وتعقب أبو حيان هذا بأنه ليس بجيد إذ لم تتقدم جملة ذكر فيها يوم القيامة ليكون التنوين عوضا عن ذلك والمذكور إنما هو جاء أمرنا فليقدر يوم إذ جاء أمرنا وهو جيد والدفع بأن القرينة قد تكون غير لفظية كما هنا فيه نظر وقيل : القرينة قوله سبحانه فيما مر : عذاب يوم غليظ وفيه ما فيه وقيل : الواو زائدة فيتعلق من بنجينا المذكور وهذا لا يجوز عند البصريين لأن الواو لا تزاد عندهم فيوجبون هنا التعلق بمحذوف وهو معطوف على ما تقدم وقرأ طلحة وأبان ومن خزي بالتنوين ونصب يومئذ على الظرفية معمولا لخزي وعن نافع والكسائي أنهما قرآ بالإضافة وفتح يوم لأنه مضاف إلى إذ وهو غير متمكن وهذا كما فتح حين في قوله النابغة : على حين عاتبت المشيب على الصبا فقلت : ألما أصح والشيب وازع إن ربك خطاب لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم هو القوي العزيز .
66 .
- أي القادر على كل شيء والغالب عليه كل وقت ويندرج في ذلك الإنجاء والإهلاك في ذلك اليوم وأخذ الذين ظلموا قوم صالح وعدل عن الضمير إلى الظاهر تسجيلا عليهم بالظلم وإشعارا بعليته لنزول العذاب بهم الصيحة أي صيحة جبريل أو صيحة من السماء فيها كل صاعقة وصوت مفزع وهي على ما في البحر فعلة للمرة الواحدة من الصياح يقال : صاح يصيح إذا صوت بقوة وأصل ذلك كما قال الراغب تشقيق الصوت من قولهم : إنصاح الخشب أو الثوب إذا إنشق فسمع منه صوت وصيح الثوب كذلك وقد يعبر بالصيحة عن الفزع وفي الأعراف فأخذتهم الرجفة قيل : ولعلها وقعت عقيب الصيحة المستتبعة لتموج الهواء وقد تقدم الكلام منا في ذلك فأصبحوا في ديارهم أي منازلهم ومساكنهم وقيل : بلادهم جاثمين .
67 .
- هامدين موتى لا يتحركون وقد مر تمام الكلام في ذلك معنى وإعرابا كأن لم يغنوا أي كأنهم لم يقيموا فيها أي في ديارهم والجملة قيل : في موضع الحال أي أصبحوا جاثمين مماثلين لمن لم يوجد ولم يقم في مقام قط ألا إن ثمودا وضع موضع المضمر لزيادة البيان ومنعه من الصرف حفص وحمزة نظرا إلى القبيلة وصرفه أكثر السبعة نظرا إلى الحي كما قدمنا آنفا وقيل : نظرا إلى الأب الأكبر يعني يكون المراد به الأب الأول وهو مصروف