أو سلام عليكم والإبتداء بنكرة مثله سائغ كما قرر في النحو وقد حياهم عليه السلام بأحسن من تحيتهم لأنها بجملة إسمية دالة على الدوام والثبات فهي أبلغ وأصل معنى السلام السلامة مما يضر .
وقرأ حمزة والكسائي سلم في الثاني بدون ألف مع كسر السين وسكون اللام وهو على ما قيل : لغة في سلام كحرم وحرام ومنه قوله : ممرنا فقلنا : أيه سلم فسلمت كما أكتل بالبرق الغمام اللوائح وقال ابن عطية : ويحتمل أن يراد بالسلم ضد الحرب ووجه بأنهم لما إمتنعوا من تناول طعامه وخاف منهم قاله أي أنا مسالم لا محارب لأنهم كانوا لا يأكلون طعام من بينهم وبينه حرب وإعترض بأنه يدل على أن قوله هذا بعد تقديم الطعام وقوله سبحانه : فما لبث إلخ صريح في خلافه وذكر في الكشاف أن حمزة والكسائي قرءا بكسر السين وسكون اللام في الموضعين وهو مخالف للمنقول في كتب القراءات وقرأ ابن أبي عبلة قال سلاما بالنصب كالأول وعنه أنه قرأ بالرفع فيهما فما لبث أي فما أبطأ إبراهيم عليه السلام أن جاء يجعل حينئذ أي في مجيئه به أو عن مجيئه به فما نافية وضمير لبث لإبراهيم و أن جاء بتقدير حرف جر متعلق بالفعل وحذف الجار قبل أن وأن مطرد وحكى ابن العربي أن أن بمعنى حتى وقيل : أن وما بعدها فاعل لبث فما تأخر مجيئه وروي ذلك عن الفراء واختاره أبو حيان .
وقيل : ما مصدرية والمصدر مبتدأ أو هي موصول بمعنى الذي كذلك و أن جاء على حذف مضاف أي قدر وهو الخبر أي فلبثه أو الذي لبثه قدر مجيئه وليس بشيء والعجل ولد البقرة ويسمى الحسيل والخبش بلغة أهل السراة والباء فيه للتعدية أو الملابسة والحنيذ السمين الذي يقطر ودكه من حنذت الفرس إذا عرقته بالجلال كأن ودكه كالجلال عليه أو كأن ما يسيل منه عرق الدابة المجللة للعرق واقتصر السدي على السمين في تفسيره لقوله تعالى : بعجل سمين وقيل : هو المشوي بالرضف في أخدود وجاء ذلك في رواية عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وفي رواية عن مجاهد تفسيره بالمطبوخ وإنما جاء عليه السلام بالعجل لأن ماله كان البقر وهو أطيب ما فيها وكان من دأبه عليه السلام إكرام الضيف ولذا عجل القرى وذلك من أدب الضيافة لما فيه من الإعتناء بشأن الضيف وفي مجيئه بالعجل كله مع أنهم بحسب الظاهر يكفيهم بعضه دليل على أنه من الأدب أن يحضر للضيف أكثر مما يأكل واختلف في هذا العجل هل كان مهيئا قبل مجيئهم أو أنه هيء بعد أن جاءوا قولان إختار أبو حيان أولهما لدلالة السرعة بالإتيان به على ذلك ويختار الفقير ثانيهما لأنه أزيد في العناية وأبلغ في الإكرام وليست السرعة نصا في الأول كما لا يخفى .
فلما رءآ أيديهم لا تصل إليه كناية عن أنهم لا يمدون إليه أيديهم ويلزمه أنهم لا يأكلون وقيل : لا كناية بناءا على ما روي أنهم كانوا ينكتون اللحم بقداح في أيديهم وليس بشيء وفي القلب من صحة هذه الرواية شيء إذ هذا النكت أشبه شيء بالعبث والملائكة عليهم السلام يجلون عن مثله و رأى قيل : علمية فجملة لا تصل مفعول ثان والظاهر أنها بصرية والجملة في موضع الحال ففيه دليل على أن من أدب الضيامة النظر إلى الظيف هل يأكل أولا لكن ذكروا أنه ينبغي أن يكون بتلفت ومسارقة لا بتحديد النظر