أعلم بما يقاسي زيد من عمرو إذا كان ما يقاسيه منه أمرا عظيما لا يستطاع شرحه فكأنه قيل : إن إيمانهم عظيم القدر جليل الشأن فكيف أقول لن يؤتيهم الله تعالى إيمانا ثابتا وفيه من التكلف والتعسف ما الله تعالى به أعلم وحمل الموصوف على أناس مسترذلين جدا غير أولئك ولم يؤمنوا بعد أي لا أقول للذين تزدريهم أعينكم ولم يؤمنوا بعد لن يوفقهم الله تعالى للإيمان حيث كانوا في غاية من رثاثة الحال والدناءة التي تزعمونها مانعة من الخير الله أعلم بما في أنفسهم مما يتأهلون به لإفاضة التوفيق عليهم وهو المدار لذلك لا الأحوال الظاهرة مما لا أقول به إني إذا أي إذا قلت ذلك لمن الظالمين .
31 .
- لهم بحط مرتبتهم ونقص حقوقهم أو من الظالمين لأنفسهم بذلك وفيه تعريض بأنهم ظالمون في إزدرائهم وإسترذالهم .
ويجوز أن يكون إذا قلت شيئا مما ذكر من حيازة الخزائن وإدعاء علم الغيب والملكية ونفي إيتاء الله تعالى أولئك الخير والقوم لمزيد جهلهم محتاجون لأن يعلل لهم نحو الأقوال الأول بلزوم الإنتظام في زمرة الظالمين .
قالوا يا نوح قد جادلتنا أي خاصمتنا ونازعتنا وأصله من جدلت الحبل أي أحكمث فتله ومنه الجديل وجدلت البناء أحكمته ودرع مجدولة والأجدل الصقر المحكم البينة والمجدل القصر المحكم البناء وسميت المنازعة جدالا لأن المتجادلين كأنهما يفتل كل واحد منهما الآخر عن رأيه وقيل : الأصل في الجدال الصراع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة وهي الأرض الصلبة فأكثرت جدالنا عطف على ما قبله على معنى شرعت في جدالنا فأطلته أو أتيت بنوع من أنواع الجدال فأعقبته بأنواع أخر فالفاء على ظاهرها ولا حاجة إلى تأويل جادلتنا بأردت جدالنا كما قاله الجمهور في فوله تعالى : إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله ونظير ذلك جادل فلان فأكثر وجعل بعضهم مجوع ذلك كناية عن التمادي والإستمرار .
وقرأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما جدلنا وهو كما قال ابن جني إسم بمعنى الجدال ولما حجهم عليه السلام وأبرز لهم ما ألقمهم به الحجر ضاقت عليهم الحيل وعيت بهم العلل وقالوا : فأتنا بما تعدنا من العذاب المعجل وجوز أن يكون المراد به العذاب الذي أشير إليه في قوله : إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم بناءا على أن لا يكون المراد باليوم يوم القيامة و ما موصولة والعائد محذوف أي بالذي تعدنا به وفي البحر تعدناه وجوز أن تكون مصدرية وفيه نوع تكلف إن كنت من الصادقين .
32 .
- في حكمك بلحوق العذاب إن لم نؤمن بك .
قال إنما يأتيكم به الله إن شاء أي إن ذلك ليس إلى ولا مما هو داخل تحت قدرتي وإنما هو لله D الذي كفرتم به وعصيتم أمره يأتيكم به عاجلا أو آجلا إن تعلقت به مشيئته التابعة للحكمة وفيه كما قيل : ما لا يخفى من تهويل الموعود فكأنه قيل : الإتيان به أمر خارج عن دائرة القوى البشرية وإنما يفعله الله تعالى .
وفي الإتيان بالإسم الجليل الجامع تأكيد لذلك التهويل وما أنتم بمعجزين بمصيريه سبحانه وتعالى عاجزا بدفع العذاب أو الهرب منه والباء زائدة للتأكيد والجملة الإسمية للإستمرار والمراد إستمرار النفي وتأكيده لا نفي الإستمرار والتأكيد وله نظائر ولا ينفعكم نصحي النصح تحري قول أو فعل فيه صلاح وهو كلمة جامعة وقيل : هو إعلام مواقع الغي ليتقي ومواضع الرشد ليقتفي وهو من قولهم : نصحت له الود أي أخلصته