وفي البحر أنه في موضع المفعول الثاني له ومفعوله الأول البينة مقدرا وجواب الشرط محذوف دل عليه أرأيتم أي إن كنت إلخ فأخبروني وحيث إجتمع ضميران ومنصوبان وقد قدم أعرفهما وهو ضمير المخاطب الأعرف من ضمير الغائب جاز في الثاني الوصل والفصل فيجوز في غير القرآن أنلزمكم إياها وهو الذي ذهب إليه ابن مالك في التسهيل ووافقه عليه بعضهم وقال ابن أبي الربيع : يجب الوصل في مثل ذلك ويشهد له قول سيبويه في الكتاب : فإذا كان المفعولان اللذان تعدى إليهما فعل الفاعل مخاطبا وغائبا فبدأت بالمخاطب قبل الغائب فإن علامة الغائب العلامة التي لا يقع موقعها إياه وذلك نحو أعطيتكه وقد أعطاكه قال الله تعالى : أنلزمكموها فهذا كهذا إذ بدأت بالمخاطب قبل الغائب إنتهى ولو قدم الغائب وجب الإنفصال على الصحيح فيقال : أنلزمها إياكم .
وأجاز بعضهم الإتصار وإستشهد بقول عثمان رضي الله تعالى عنه : أراهمني ولم يقل : أراهم إياي وتمام الكلام على ذلك في محله وجيء بالواو تتمة لميم الجمع وحكى عن أبي عمرو إسكان الميم الأولى تخفيفا ويجوز مثل ذلك عند الفراء وقال الزجاج : أجمع النحويون البصريون على أنه لا يجوز إسكان حركة الإعراب إلا في ضرورة الشعر كقوله تعالى : فاليوم أشرب غير مستحقب إثما من الله ولا واغل وقوله وناع يخبرنا بمهلك سيد تقطع من وجد عليه الأنامل وأما ما روي عن أبي عمرو من الإسكان فلم يضبطه عنه الراوي وقد روى عنه سيبويه أنه كان يخفف الحركة ويختلسها وهذا هو الحق وذكر نحو ذلك الزمخشري وقال : إن الإسكان الصريح لحن عند الخليل وسيبويه وحذاق البصريين وفي قراءة أبي أنلزمكموها من شطر أنفسنا وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قرأ من شطر قلوبنا أي من تلقائها وجهتها وفي البحر أن ذلك على جهة التفسير لا على أنه قرآن لمخالفته سواد المصحف وأنتم لها كارهون .
28 .
- أي لا تختارونها ولا تتأملون فيها والجملة في موضع الحال قال السمين : إما من الفاعل أو من أحد المفعولين وإختير أنها في موضع الحال من ضمير المخاطبين وقدم الجار رعاية للفواصل ومحصول الجواب أخبروني إن كنت على حجة ظاهرة الدلالة على صحة دعواي إلا أنها خافية عليكم غير مسلمة لديكم أيمكننا أن نكرهكم على قبولها وأنتم معرضون عنها غير متدبرين فيها أي لا يكون ذلك كذا قرره شيخ الإسلام ثم قال : وظاهره مشعر بصدوره عنه عليه السلام بطريق إظهار اليأس عن إلزامهم والقعود عن محاجتهم كقوله ولا ينفعكم نصحي إلخ لكنه محمول على أن مراده عليه السلام ردهم عن الإعراض عنها وحثهم على التدبر فيها بصرف الإنكار المستفاد من الهمزة إلى الإلزام حال كراهتهم لا إلى الإلزام مطلقا وقال مولانا سعدي جلبي : إن المراد من الإلزام هنا الجبر بالقتل ونحوه لا الإيجاب لأنه واقع فليفهم .
وجوز أن يراد بالبينة دليل العقل الذي هو ملاك الفضل وبحسبه يمتاز أفراد البشر بعضها عن بعض وبه تناط الكرامة عند الله D والإجتباء للرسالة وبالكون عليها التمسك به والثبات عليه وبخفائها على الكفرة على أن يكون الضمير للبينة عدم إدراكهم لكونهم عليه السلام عليها وبالرحمة النبوة التي أنكروا إختصاصه عليه السلام بها بين ظهرانيهم ويكون المعنى إنكم زعمتم أن عهد النبوة لا يناله إلا من له فضيلة على سائر الناس مستتبعة لإختصاصه به دونهم أخبروني إن إمتزت عليكم بزيادة مزية وحيازة فصيلة من ربي وآتاني