ويستنبئونك أحق هو وكنبلو فيما نحن فيه ونازعه أبو حيان بأن ترى في الأول علمية وأيكم في الأخير موصولة حذف صدر صلتها فبنيت وهي بدل من ضمير الخطاب بدل بعض ونقل ذلك عنه الجلال السيوطي ولم أجده في بحره وفي الرضى أن جميع أفعال الحواس تعلق عن العمل وفي التسهيل ما يؤيده وأجاز يونس تعليق كل فعل غير ما ذكر وخرج عليه ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد والجمهور لم يوافقوه على ذلك وقد ذكر بعض الفضلاء أن الفعل القلبي وما جرى مجراه إما متعد إلى واحد أو إثنين فالأول يجوز تعليقه سواء تعدى بنفسه كعرف أو بحرف كتفكر لأن معموله لا يكون إلا مفردا وبالتعليق بطل عمله في المفرد الذي هو مقتضاه وتعلق بالجملة ولا معنى للتعليق إلا إبطال العمل لفظا لا محلا وإن تعدى لإثنين فإما أن يجوز وقوع الثاني جملة كما في باب علم أولا فإن جاز علق عن المفعولين نحو علمت لزيد قائم لا عن الثاني لأنه يكون جملة بدون تعليق فلا وجه لعده منه إذ لا فرق بين أداة التعليق وعدمها فالتعليق لا يبطل عمل الفعل أصلا كما في علمت زيدا أبوه قائم وعلمت زيدا لا أبوه قائم فإن عمله في محل الجملة لا فرق فيه بين وجود حرف التعليق وعدمه وإن لم يجز وورد فيه كلمة تعليق كان منه نحو يسئلونك ماذا ينفقون فإن المسئول عنه لا يكون إلا مفردا .
والفعل فيما نحن فيه يحتمل أن يكون عاملا فيما بعده وهو المختبر به غير متضمن علما وفعل البلوى إذا كان كذلك يتعدى بالباء إلى المختبر به ولا يكون إلا مفردا كما في قوله تعالى : ولنبلونكم بشيء والإستفهام قد أبطل مقتضاه لفظا وهو التعليق ويحتمل أن يكون متضمنا معنى العلم ويكون العلم عاملا فيه وهو مفعوله الثاني وحينئذ لا تعليق ومن هنا يظهر أن تعليق الفعل في الآية إنما هو على تقدير إعمال فعل البلوى وعدم تعليقه على تقدير إعمال العلم فلا معنى منافاة بين الكلامين إنتهى وهو نفصيل حسن وفي الهمع أن الجملة بعد المعلق في باب علم وأخواتها في موضع المفعولين فإن كان التعليق بعد إستيفاء المفعول الأول فهي في موضع المفعول الثاني وأما غير هذا الباب فإن كان الفعل مما يتعدى بحرف الجر فالجملة في موضع نصب بإسقاطه نحو فكرت أهذا صحيح أم لا وجعل ابن مالك منه فلينظر أيها أزكى طعاما وإن كان مما يتعدى لواحد فهي في موضعه نحو عرفت أيهم زيد فإن كان مفعوله مذكورا نحو عرفت زيدا أبو من هو فالجملة بدل منه على ما إختاره السيرافي وابن مالك وهو بدل كل من كل بتقدير مضاف أي قصة زيد أو أمره عند بن عصفور وإلتزم ذلك ليكون المبدل منه جملة المعنى وبدل إشتمال ولا حاجة إلى التقدير عند الصائغ وذهب المبرد والعلم وابن خروف وغيرإلى أن الجملة في موضع نصب على الحال وذهب الفارسي إلى أنها في موضع المفعول الثاني لعرفت على تضمينه معنى علمت وإختاره أبو حيان وفيه نوع مخالفة في الظاهر لما تقدم تظهر بالتأمل إلا أنه إعتراض القول بأن ما بعد فعل البلوى مختبر به بأن المختبر به إنما هو خلق السموات والأرض وأجيب بأن ذلك وإن كان في نفس الأمن مختبرا عنه والمختبر به ما ذكر إلا أنه جعل مختبرا به بإعتبار ترتبه على ذلك ولا يخفى ما فيه وقال بعض أرباب التحقيق في دفع المخالفة : إن الزمخشري جعل قوله سبحانه هنا : ليبلوكم أيكم أحسن عملا بجملته إستعارة تمثيلية فتكون مفرداته مستعملة في معناها الحقيقي معطاة ما تستحقه وفعل البلوى يعلق عن المفعول الثاني لأنه لا يكون جملة إذ هو يتعدى له بالباء وحرف الجر لا يدخل على الجمل وجرى التعليق فيه بناءا على أنه مناسب لفعل القلوب معنى وقد صرح غير واحد بجريانه في ذلك وجعله ثمة مستعارا لمعنى العلم والفعل إذ تجوز به عن معنى فعل آخر عمل عمله وجرى عليه حكمه وعلم لا يعلق عن المفعول الثاني فكذا