لهم فانتظروا ذلك إني معكم من المنتظرين 102 إياه فمتعلق الإنتظار واحد بالذات وهو الظاهر وجوز أن يكون مختلفا بالذات متحدا بالجنس أي فإنتظروا إهلاكي إني معكم من المنتظرين هلا ككم ثم ننجي رسلنا بالتشديد وعن الكسائي ويعقوب بالتخفيف وهو عطف على مقدر يدل عليه قول سبحانه : مثل أيام الذين خلوا وما بينهما إعتراض جيء به مسارعة إلى التهديد ومبالغة في تشديد الوعيد كأنه قيل : نهلك الأمم ثم ننجي المرسل إليهم والذين آمنوا بهم وعبر بالمضارع لحكاية الحال الماضية لتهويل أمرها بإستحضار صورها وتأخير حكاية التنجية عن حكاية الإهلاك على عكس ما جاء في غيره موضع ليتصل به قول سبحانه : كذلك حقا علينا ننج المؤمنين 103 أي ننجيهم إنجاء كذلك الإنجاء الذي كان لمن قبلهم على أن الإشارة إلى الإنجاء والجار والمجرور متعلق بمقدر وقع صفة لمصدر محذوف وجوز أن يكون الكاف في محل نصب بمعنى مثل سادة مسد المفعول المطلق ويحتمل عند بعض أن يكون في موقع الحال من الإنجاء الذي تضمنه ننجي بتأويل نفعل الإنجاء حال كونه مثل ذلك الإنجاء وأن يكون في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك و حقا نصب بفعله المقدر أي حق ذلك حقا والجملة إعتراض بين العامل والمعمول على تقدير أن يكون كذلك معمولا للفعل المذكور بعد وفائدتها الإهتمام بالإنجاء وبيان أنه كائن لا محالة وهو المراد بالحق ويجوز أن يراد به الواجب ومعنى كون الإنجاء واجبا أنه كالأمر الواجب عليه تعالى وإلا فلا وجوب حقيقة عليه سبحانه وقد صرح بأن الجملة إعتراضية غير واحد من المعربين ويستفاد منه أنه لا بأس 1 الجملة الإعتراضية إذا بقي شيء من متعلقاتها وجوز أن يكون بدلا من الكاف التي هي بمعنى مثل أو من المحذوف الذي نابت عنه .
وقيل : إن كذلك منصوب بننجي الأول و حقا منصوب بالثاني وهوخلاف الظاهر والمراد بالمؤمنين إما الجنس المتناول للرسل عليهم السلام وأتباعهم وأما الأتباع فقط وإن ما لم يذكر إيذانا بعدم الحاجة إليه وأيا ما كان ففيه تنبيه على أن مدار الإنجاء هو الإيمان وجيء بهذه الجملة تذييلا لما قبلها مقررا لمضمونه قل لجميع من شك في دينك وكفر بك ياأيها الناس أوثر الخطاب بإسم الجنس مصدرا بحرف التنبيه تعميما للتبليغ و إظهارا لكمال العناية بشأن ما بلغ إليهم إن كنتم في شك من ديني الذي أعبد الله تعالى به وأدعوكم إليه ولم تعملوا ما هو ولا صفته حتى قلتم أنه صبا .
فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله في وقت من الأوقات ولكن أعبدالله الذي يتوفيكم ثم يفعل بكم ما يفعل من فنون العذاب وجعل هذهالجملة بإعتبار مضمونها جوابا بتأويل الأخبار وإلا فلا ترتب لها علط الشرط بحسب الظاهر فالمعنى إن كنتم في شك من ذلك فأخبركم أنهتخصيص العباده به تعالى ورفض عبادة ما سواه من الأصنام وغيرها مما تعبدونه جهلا وقد كثر جعل الأخبار بمفهوم الجملة جزاء نحو أن أكرمتني اليوم فقد أكرمتك أمس وعلى هذا الطرز قوله تعالى : وما بكم من نعمة فمن الله فإن إستقرار النعمة ليس سببا لحصولها من الله تعالى بل الأمر بالعكس وإنما سبب للأخبار بحصولها منه تعالى كما قرره ابن الحاجب