وأحكامه لما على قلوبهم من الطبع تأبى الأول وتعقب بأن المعنى يقدره عليهم فلا إباء ويفسر الذين لايعقلون بما يكون به تأسيسا كما سمعت في تفسيره ومنه تعلم أن الفعل منزل منزلة الللام أوله مفعول مقدر وقد يفرق بين التفسيرين بأنهم على الأول لم يسلبوا قوة النظر لكنهم لم يوافقوا لذلك وعلى الثاني بخلافه والأمر الآتي ظاهر فيالأول والجملة معطوفة على مقدر كأنه قيل : فيأذن لهم بالإيمان ويجعل إلخ أو فيأذن لبعضهم بذلك ويجعل إلخ وقريء الرجز بالزاي وقرأ حماد ويحيى عن أبي بكر ونجعل بالنون قل انظروا خطاب لسيد المخاطبين صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأمر الكفرة الدين هو E بين ظهرانيهم بالتفكر في ملكوت السموات والأرض وما فيهما من عجائب الآيات الأفاقية والأنفسية ليتضح له صلى الله عليه وسلّم أنهم من الدين لا يعقلون وكأنه متعلق بما عنده وتعليقه بقوله سبحانه : أفأنت تكره الناس إلخ على معنى لا تكره الناس على الإيمان ولكن أؤمرهم بما يتوصل به إليه عادة من النظر لا يخلو عن النظر وقيل : إنه تعالى لما أفاد فيما تقدم أن الإيمان يخلقه سبحانه وأنه لا يؤمن من يؤمن إلا من بعد إذنه وأن الذين حقت عليهم الكلمة لا يؤمنون أمر نبيه E أن يأمربالنظر لئلا يزهد فيه بعد تلك الإفادة وأرى الأول أولى وجاء ضم لام قل وكسرها وهما قراءتان سبعيتان وقوله سبحانه : ماذا في السموات والأرض في محل نصب بإسقاط الخافض لأن الفعل قبله معلق بالإستفهام لأن ما إستفهامية وهي مبتدأ و ذا بمعنى الذي والظرف صلته وهو خبر المبتدأ ويجوز أن يكون ماذا كله إسم إستفهام مبتدأ والظرف خبره أي أي شيء بديع في السموات والأرض من عجائب صنعته تعالى الدالة على وحدته وكمال قدرته جل شأنه .
وجوز أن يكون ماذا كله موصولا بمعنى الذي وهو في محل نصب بالفعل قبله وضعفه السمين بأنه لا يخلو حينئذ من أن يكون النظر قلبيا كما هو الظاهر فيعدى بفي وأن يكون بصريا فيعدى بإلى .
وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون 101 أي ما تكفيهم وما تنفعهم وقريء بالتذكير والمراد بالآيات ما أشير إليه بقوله سبحانه : ماذا في السموات والأرض ففيه إقامة الظاهر مقام المضمر والنذر جمع نذير بمعنى منذر أي الرسل المنذرون أو بمعنى إنذار أي الإنذارات وجمع لإرادة الأنواع وجوز أن يكون النذر نفسه مصدرا بمعنى الإنذار والمراد بهولاء القوم المطبوع على قلوبهم أي لا يؤمنون في علم الله تعالى وحكمه و ما نافية والجملة إعتراضية وجوز أن تكون في موضع الحال من ضمير قل وفي القلب من جعلها حالا من ضمير انظروا شيء فإنظروا ويتعين كونها إعتراضية إذا جعلت ما إستفهامية إنكارية وهي حينئذ في موضع النصب على المصدرية للفعل بعدها أو على أنه مفعول به له والمفعول على هذا وكدا على إحتمال النفي محذوف إن لم ينزل منزلة اللازم أي ما تغني شيئا فهل ينتظرون أي هؤلاء المأمورون بالنظر من مشركي مكة وأشرافهم إلا مثل أيام الذين خلوا أي مثل وقائعهم ونزول بأس الله تعالى بهم إذ لا يستحقون غير ذلك وجاء إستعمال الأيام في الوقائع كقولهم : أيام العرب وهو مجاز مشهور منالتعبير بالزمان عما وقع فيه كما يقال : المغرب للصلاة الواقعة فيه والمراد بالموصول المشركون من الأمم الماضية من قبلهم متعلق بخلوا جيء به للتأكيد والإيماء بأنهم سيخلون كما خلوا قل تهديدا