فائدة بل لا وجه لإعتبار مشيئة القسر والإلجاء خاصة في تفرع الإنكار وقيل : أن الهمزة في موضعها والعطف على مقدر ينسحب عليه الكلام كأنه قيل : أربك لا يشاء ذلك فأنت تكرههم حتى تكونوا مؤمنين 99 والإنكار متوجه إلى ترتيب الغكراه المذكور على عدم مشيئته تعالى والإباء هو الإباء فلا بد من حمل المشيئة على إطلاقها والمراد بالناس من طبع عليهم أو الجميع مبالغة وجوز أنت أن يكون فاعلا بمقدر يفسرهما بعده وأن يكحون مبتدأ خبره الجملة بعده ويعدونه فاعلا معنويا وتقديمه لتقوية حكم الإنكار كما ذهب إليه الشريف قدس سره في شرح المفتاح وذكر فيه أن المقصود إنكار صدور الفعل من المخاطب لاإنكار كونه هو الفاعل مع تقرر أصل الفعل وقيل : إن التقديم للتخصيص ففيه إيذان بأن الإكراه أمر ممكن لكن الشأن في المكره من هو وما هو إلا سبحانه وحده لا يشارك فيه لأنه جل شأنه القادر على أن يفعل في قلوبهم ما يضطرهم إلى الإيمان وذلك غير مستطاع للبشر .
وما كان لنفس بيان لتبعية إيمان النفوس التي علم الله تعالى إيمانها لمشيئته تعالى وجودا وعدما بعد بيان الدوران الكلي عليها كذلك وقيل : هو تقرير لما يدل عليه الكلام السابق من أن خلاف المشيئة مستحيل أي ما صح وما إستقام لنفس من النفوس التي علم اللهتعالى أنها تؤمن أن تؤمن إلا بإذن الله أي بمشيئته وإرادته سبحانه والأصل في الإذن بالشيء الإعلام بإجازته والرخصة فيه ورفع الحجز عنه وجعلوا ما ذكر من لوازمه كالتسهيل الذي ذكره بعضهم في تفسيره وخصصت النفس بالصفة المذكورة ولم تجعل من قبيل قوله تعالى : وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله قيل لأن الإستثناء مفرغ من أعم الأحوال أي ما كان لنفس أن تومن في حال من أحوالها إلا حال كونها ملابسة بإذنه سبحانه فلا بد من كون الإيمان مما يؤول إليه حالها كما أن الموت حال لكل نفس لا محيص لها عنه فلا بد من التخصيص بما ذكر فإن النفوس التي علم الله تعالى أنها لا تؤمن ليس لها حال تؤمن فيها حتى تستثني تلك الحال من غيرها إنتهىوقد يقال أن هذا الإستثناء بالنظر إلى النفس التي علم الله تعالى أنها لا تؤمن مفيد لعدم إيمانها على أتم وجهعلى حد ما قيل في قوله تعالى : وأن تجمعوا بين الأختين إلا ماقد سلف فكأنه قيل : ما كان لنفس علم الله تعالى أنها لا تؤمن أن تؤمن في حال من الأحوال كسلامة العقل وصحة البدن وغيرهما إلا في حال ملابستها إذن الله تعالى وإرادته أن تؤمن وهي تابعة لعلمه بذلك وعلمه به محال لأنهقد علم نقيضه فيلزم إنقلاب العلم جهلا فتكون إرادته ذلك محالا فيكون إيمانها محالا إذ الموقوف على المحال محال وفي الحواشي الشهابية أن ما كان إن كان بمعنى ما وجد إحتاج إلى تقييد النفس بمن علم أنها تؤمن وإن كان بمعنى ما صح لا يحتاج إليه ولذا ذكره من ذكره وتركه من تركه وفيه خفاء فتأمل ويجعل الرجس أي الكفر كما في قوله تعالى : فزادتهم رجسا إلى رجسهم بقرينة ما قبله وأصله الشيء الفاسد المستقذر وعبر عنه بذلك لكونه علما في الفساد والإيتقذار وقيل : المراد به العذاب وعبر عنه بذلك لإشتراكهما في الإستكراه والتنفر وأن إرادة الكفر منه بإعتبار أنه نقل أولا عن المستقذر إلىالعذاب للإشتراك فيما ذكر ثم أطلق الكفر لأنه سبببه فيكون مجازا فيالمرتبة الثانية وإختار الإمام التفسير الأول تحاشيا مما في إطلاق المستقذر على عذاب الله تعالى من الإستقذار وبعض الثاني لما أن كلمة على في قوله تعالى على الذين لا يعقلون 100 أي لا يستعملون عقولهم بالنظر في الحجج والآيات أولا يعقلون دلائله