إن الذين حقت عليهم إلخ بيان المنشأ إصرار الكفرة على ما هم عليه من الكفر والضلال إلى حيث لا ينتفعون بالإيمان أي إن الذين ثبتت عليهم كلمة ربك أي حكمه وقضاؤه المفسر عند الأشاعرة بإرادته تعالى الأزلية المتعلقة بالاشياء على ما هي عليه فيما لا يزال بأنهم يموتون على الكفر أو يخلدون في النار لا يؤمنون 96 إذ لا يمكن أن ينتقض قضاءه سبحانه و تتخلف إرادته جل جلاله ولو جاءتهم كل آية واضحة المدلول مقبولة لدى العقول حتى يروا العذاب الأليم 97 الإغراق ونحوه وحينئذ يقال لهم الصيف ضعيتاللبن وفسر الزمخشري الكلمة بقول الله تعالى الذي كتبه في اللوح وأخبر سبحانه به الملائكة إنهم يموتون كفارا وجعل تلك كتابة معلوم لا كتابة مقدر ومراد ولا ضمير في تفسير الكلمة بذلك إلأ أن جعل الكتابة كتابة معلوم لا كتابة مقدر ومراد مبني على مذهب الإعتزال والذي عليهأهل السنة أن أفعال العباد بأسرها معلومة له تعالى ومرادة ولا يكون إلا ما أراده سبحانه وعلمه عز شأنه وإرادته متوافقان ولا تجوزالمخالفة بينهما ولا يتعلق علمه سبحانه إلا بما عليه الشيء في نفسه ولايريد إلا ما علم ولا يقدر إلا ما يريد ولا جبر هناك ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين وفسره المولى الكوراني في شرحه للمقدمات الأربع المذكورة في توضيح الأصول بأن العبد مجبور بإختياره وفصله بما لا مزيد عليه وبإثبات الإستعداد وانه غير مجعول تتضح الحجة البالغة وبسط الكلام في علم الكلام وقد تقدم بعض ما ينفع في هذا المقام وإن أردت ما يطمئن به الخاطر وتنشرح له الضمائر فعليك برسائل ذلك المولى في هذا الشان فإنها واضحة المسالك في تحصيل الإيقان فلو كانت كلام مستأنف لتقرير هلاكهم و لولا هنا تحضيضية فيها معنى التوبيخ كهلا ومثلها ما في قول الفرزدق : تعدون عقر النيب أفضل مجدكم .
بني ضوطري لولا الكمى المقنعا ويشهد لذلك قراءة أبي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما فهلا والتوبيخ على ما نقل عن السفاقسي على ترك الإيمان المذكور بعد وكان كما إختاره بعض المحققين ناقصة وقوله تعالى : قرية إسمها وجملة قوله سبحانه : آمنت خبرها وقوله جل شأنه : فنفعها إيمانها معطوف على الخبر أي فهلا كانت قرية من القرىالتي أهلكت هلاك الإستئصال آمنت قبل معاينة العذاب ولم تؤخر إيمانها إلى حين معاينته كما أخر فرعون إيمانه فنفعها ذلك بأن يقبله الله تعالى منها ويكشف بسببه العذاب عنها وذهب السمين وغيره إلى أنها تامة وقرية فاعلها وجملة آمنت صفة ونفعها معطوفة عليها وتعقب بأنه يلزم حينئذ أن يكون التحضيض والتوبيخ على الوجود مع أنه ليس بمراد وأجيب بأن لا مانع من أن يكون التحضيض على الصفة وحينئذ لا غبار على ما قيل وأيا ما كان فالمراد بالقرية أهلها مجازا شائعا والقرينة هنا أظهر من أن تخفى وقوله تبارك وتعاى : إلا قوم يونس إستثناء منقطع كما قال الزجاج وسيبويه والكسائي وأكثر النحاةأي لكن قوم يونس لما ءامنوا عند ما رأوا أمارات العذاب ولم يؤخروا إلى حلوله كشفنا عنهم عذاب الخزي أي الذل والهوان في الحياة الدنيا بعد ما أظلهم وكاد