الإمارة وبموسى وهرون المأمورين بالقول اللين موسى الروح وهرون القلب وأخذ يقرر الكلام على هذا السنن ولا يخفى أن إرتكاب ذلك على ما فيه من التكلف الظاهر الكلف في كلام الشيخ مايأباه ولعله خلاف مطمح نظرهولذلك لم يرتكبه أجلة أصحابه بل أبقوا كلامه على ظاهره وهو الظاهر وإكفار بعض المنكرين له فيه ضلال وأي ضلال وظلم عظيم موجب للنكالفإن له قدس سره في ذلك مستندا كغيره المقابل له وإن إختلفا في القوة والضعف على أن الوقوف على حقيقة هذه المسئلة ليس مما كلفنا به فلا يضر الجهل بها في الدين والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل ولقد بوأنا بني إسرائيل كلام مستأنف سيق لبيان النعم الفائضة عليهم أثرنعمة الإنجاء على وجه الإجمال وإخلالهم بشكرها وبوأ بمعنى أنزل كأباء والإسم منه البيئة بالكسر كما في القاموس وجاء بوأه منزلا وبوأه فيمنزل وكذا بوأت له مكانا إذا سويته وهو مما يتعدى لواحد ولإثنين أي إنرلناهم بعد أن أنجيناهم وأهلكنا أعداءهم مبوأ صدق أي منزلاصالحا مرضيا وهو إسم مكان منصوب على الظرفية ويحتمل المصدرية بتقدير مضاف أي مكان مبوأ وبدونه وقد يجعل مفعولا ثانيا وأصل الصدق ضد الكدب لكن جرت عادة العرب على أنهم إذا مدحوا شيئا أضافوه إلى الصدق فقالوا : رجل صدق مثلا إذا كان كاملا في صفته صالحا للغرض المطلوب منه كأنهم لاحظوا إن كل ما يطن به فهو صادق والمراد بهذا المبوأ كما رواه ابن المنذر وغيره الضحاك الشام ومصر فإن بني إسرائيل الذين كانوا في زمان موسى عليه السلام وهم المراد هنا ملكواذلك حسبما ذهب إليه جمع من الفضلاء .
وأخرج أبو الشيخ غيره عن قتادة أن المراد به الشام وبيت المقدس وإختاره بعضهم بناء على أن أولئك لم يعودوا إلى مصر بعد ذلك وأنت تعلم أنه ينبغي أن يراد ببني إسرائيل عن القولين ما يشتمل ذريتهم بناء على أنهم ما دخلوا الشام في حياة موسى عليه السلام وإنما دخلهاأبناؤهم وقد تقدم لك ما يتعلق بهذا المقام فتذكره .
وقيل : المراد به أطراف المدينة إلى جهة الشام وببني إسرائيل بنوإسرائيل الذين كانوا على عهد نبينا عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام ورزقناهم من الطيبت أي اللذائذ قيل : وقد يفسر بالحول فما اختلفوا في أمور دينهم بل كانوا متبعين أمر رسولهم عليه السلام حتى جاءهم العلم أي إلا بعدما علموا بقراءة التوراة والوقوف على أحكامها وقيل : المعنى ما إختلفوا في أمر محمد صلى الله عليه وسلّم إلا بعدما علموا صدق نبوته بنعوته المذكورة في كتابهم وتظاهر معجزاته وهو ظاهر على القول الأخير في المراد من بني إسرائيل المبوئين وأما على القول الأول ففيه خفاء لأن أولئك المبوئين الذين كانوا في عصر موسى عليه السلام لم يختلفوا في أمر نبينا A ضرورة لينسب إليهم ذلك الإختلاف حقيقة وليس هذا نظير قوله تعالى : وإذا أنجيناكم من آل فرعون الآية ولا قوله سبحانه : فلم تقتلون أنبياء الله ليعتبر المجاز وزعمالطبرسي أن المعنى أنهم كانوا جميعا على الكفر لم يختلفوا فيه حتى أرسل إليهم موسى عليه السلام ونزلت التوراة فيها حكم الله تعالى فمنهم من آمن ومنهم من أصر على كفره وليس بشيء أصلا كما لا يخفى إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون 93 فيميز بينالحق والمبطل بالإثابة والعقوبة فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك أي في شك ما يسير والخطاب قيل : له A والمراد إن كنت في ذلك على سبيل الفرض والتقدير لأن الشك لا يتصور منه E لإنكشاف الغطاء له ولذا عبر بان التي تستعمل غالبا فيما لا تحقق له حتى تستعمل في المستحيل عقلا وعادة